وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَلْحُوظَ إلَيْهِ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَى الْأَقْرَبِيَّةِ لَيْسَ شَخْصًا وَاحِدًا بَلْ مُتَعَدِّدٌ وَهُوَ كُلُّ مَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَمَعْنَى التَّدْرِيجِ فِي قَوْلِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ أَنَّهُ يُنْظَرُ أَوَّلًا إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ كَالْأَخِ الشَّقِيقِ مَثَلًا فَإِنْ وُجِدَ نَقَلْنَا نَصِيبَهُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَإِلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَهَكَذَا وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ فَالْمَلْحُوظُ فِيهِ الْأَقْرَبِيَّةُ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْوَاقِفُ فَكُلَّمَا مَاتَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ تُنْقَلُ حِصَّتُهُ إلَى مَنْ يَلِيهِ فِي الْقُرْبِ إلَى الْوَاقِفِ وَهَكَذَا كَمَا لَوْ كَانَ لِلْوَاقِفِ أَخٌ وَعَمٌّ وَابْنُ عَمٍّ نَحْكُمُ بِرِيعِ الْوَقْفِ أَوَّلًا لِلْأَخِ ثُمَّ لِلْعَمِّ ثُمَّ لِابْنِ الْعَمِّ وَلَا نَنْظُرُ إلَى الْأَقْرَبِ لِلْأَخِ الْمُتَوَفَّى لِأَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ الْأَقْرَبِيَّةَ إلَيْهِ لَا إلَى الْمُتَوَفَّى كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا حَتَّى نَنْظُرَ كُلَّمَا مَاتَ أَحَدٌ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَوْنًا بَعِيدًا وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ أَيْضًا انْدَفَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبِيرِيِّ وَلَمْ نَرَ مَنْ عَوَّلَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِفْتَاءِ وَلَا رَأَيْنَا لَهُ شَيْئًا يَعْضُدُهُ أَصْلًا بَلْ نَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى مِمَّا انْتَقَلَ إلَيْهِ عَنْ أُصُولِهِ أَوْ آلَ إلَيْهِ عَنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ فَيُعْطُونَهُ لِوَلَدِهِ أَوْ لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ وَهُوَ الَّذِي يَتَبَادَرُ إلَى الْأَذْهَانِ وَيَقْصِدُهُ الْوَاقِفُونَ فَمَنْ اطَّلَعَ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ مُخَالِفٍ لِذَلِكَ فَلْيُثْبِتْهُ هُنَا وَلَهُ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَنْشَأَ رَجُلٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ عَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ وَالشِّهَابِيُّ أَحْمَدُ الرَّضِيعُ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ، الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ يُقَدَّمُ أَوْلَادُ الذُّكُورِ عَلَى أَوْلَادِ الْإِنَاثِ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ بِأَجْمَعِهِمْ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ مِنْ الذُّكُورِ مِنْهُمْ وَالْإِنَاثِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ نَسْلِهِ ثُمَّ عَقِبِهِ بَيْنَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَمَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ ثُمَّ مَاتَتْ أَسْمَاءُ وَلَمْ تُعْقِبْ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِهِ أَبِي بَكْرٍ وَمَاتَتْ عَائِشَةُ عَنْ ابْنِهَا عِزِّ الدِّينِ وَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِيهِمَا بِالسَّوِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ بِنْتَيْهِ بَدِيعَةَ وَفَاطِمَةَ وَمَاتَ عِزُّ الدِّينِ عَنْ ابْنِهِ شَرَفِ الدِّينِ ثُمَّ مَاتَتْ فَاطِمَةُ عَنْ بِنْتَيْنِ زُلَيْخَا وَنَبَوِيَّةَ وَمَاتَتْ بَدِيعَةُ عَنْ بِنْتٍ مَاتَتْ وَلَمْ تُعْقِبْ وَمَاتَ شَرَفُ الدِّينِ عَنْ أَحْمَدَ وَمَاتَتْ زُلَيْخَا عَنْ بِنْتِهَا زَاهِدَةَ وَمَاتَتْ نَبَوِيَّةُ عَنْ ابْنِهَا عَلِيٍّ فَهَلْ يَخْتَصُّ أَحْمَدُ بْنُ شَرَفِ الدِّينِ بِالْوَقْفِ لِكَوْنِهِ ذَكَرًا مِنْ ذَكَرٍ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَلَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدَيْ زُلَيْخَا وَنَبَوِيَّةَ لِكَوْنِهِمَا وَلَدَيْ إنَاثٍ مِنْ إنَاثٍ وَهَلْ يَكُونُ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ الْمُتَّصِلُ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ فِي الشَّرْطِ الْأَخِيرِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَوْلَادِ الْإِنَاثِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رَاجِعًا إلَى أَوْلَادِ الْإِنَاثِ لِكَوْنِهِمْ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ وَيَسْتَلْزِمُ إرْجَاعُهُ إلَيْهِمْ إعْمَالُ جَمِيعِ كَلَامِ الْوَاقِفِ فِي شَرْطَيْهِ الَّذِي هُوَ أَوْلَى مِنْ الْإِهْمَالِ أَوْ لَا؟
(الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ اللَّه اللَّهُمَّ يَا حَقُّ إلْهَامًا لِلْحَقِّ، مُحَصَّلُ مَا شَرَطَهُ هَذَا الْوَاقِفُ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ
الصِّنْفُ الْأَوَّلُ يَكُونُ الْوَقْفُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى مِنْ غَيْرِ مَزِيَّةٍ وَهُمْ أَوْلَادُهُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورُونَ ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ وَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعِزُّ الدِّينِ.
الصِّنْفُ الثَّانِي يَكُونُ الْوَقْفُ لِأَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ وَهُمْ أَوْلَادُ أَبِي بَكْرٍ وَعِزِّ الدِّينِ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ يَكُونُ عَلَى أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ يُقَدَّمُ