اختلف أهل العلم أيهما أسبق على الآخر, القضاء أو القدر..
والذي تطمئن إليه النفس وتؤيده الأدلة، هو قول أبي حاتم الرازي وغيره من بعض أهل العلم وخلاصته: أن القدر هو التقدير، وأن القضاء هو التفصيل، ومن الشواهد التي ذكرها أبو حاتم على ما ذهب إليه قوله تعالى:
{قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَان} ِ (يوسف: 41) , معناه: الفراغ, وقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْض} ِ (الجمعة: 10) أي فرغ منها، والقضاء والقدر بمنزلة الثوب الذي يقدره الخياط فهو قبل أن يفصله يقدرهو ويزيد وينقص, ويوسع ويضيق، وإذا فصله فقد قضاه وفاته, ولا يمكنه أن يزيد أو ينقص وذلك مثل القضاء والقدر, والله أعلم، وهناك تعريفات أخرى، وقد يعكس بعضهم فيقدم القضاء على القدر, والله أعلم.
وسواء كان هذا أو ذاك فإن الله تعالى سبق علمه بكل مخلوق وكتب مقاديره وأوجده وفق ما قدره له, وشاء ما يصدر عنه بعد وجوده من خير أو شر, ولا يخرج عن ذلك شيء لا أفعال الإنسان ولا غيرها، وكذلك ما يصيب الإنسان من الحوادث والكوارث, والعبد بجملته مخلوق جسمه وروحه وصفاته وأفعاله وأحواله فهو مخلوق خلق نشأة وصفة يتمكن بها من إحداث إرادته وأفعاله