العموم وإخراج بعض ما تناوله اللفظ العام- فأولى أن يجوز هاهنا، بسبب أن التقييد زيادة على موجب اللفظ، لا ينقص من موجب اللفظ والتخصيص منقص، فإذا جاز التخصيص فليجز التقييد بطريق الأولى.

وأجاب الحنفية عن الوجه الأول: بأن التقييد بالإيمان (ليس) مثل التقييد بالسلامة من الغيوب، بسبب أن لفظ الإنسان وجميع ألفاظ الأجناب إنما وضع للسليم من ذلك الجنس، ألا ترى أنك إذا سمعت قول القائل: جاء لزيد ولد، فإنما يفهم منه أول الأمر أنه ذو عينين ورجلين ويدين وغير ذلك من أعضائه، والمتبادر للفهم هو الذي وضع له اللفظ، عملا بسائر الألفاظ؛ ولأن الأصل في الاستعمال الحقيقة، وأن السابق إلى الفهم عند التجرد هو مسمى اللفظ، فحينئذ الوضع إنما هو السليم، فشرط السلامة من العيوب أفاده اللفظ بوضعه، فلم يزد على مسمى اللفظ شيء، فليس تقييدًا في المعنى.

أما شرط الإيمان فلم يتناوله اللفظ إجماعًا، فكان التقييد به تقييدًا زائدًا على مسمى اللفظ- وهو موضع النزاع- بخلاف القيود الداخلية في مسمى اللفظ.

قلت: هذا كلام حسن، غير أنه يشكل عليه شيء وهو أنه إذا أطلق لفظ الإنسان على الأعمى، أو الأقطع، أو من فقد بعض أعضائه، أن ذلك يكون مجازًا، وأن لا يصدق الإنسان حقيقة إلا على الكامل المطلق، وكذلك الفرس المقطوع الأذن، يلزم أن لا يستحق اسم الفرس لغة، وهو بعيد، وحينئذ يكون في هذا المقام مخالفة إحدى القاعدتين، إما أن تستحق هذه الحيوانات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015