فهل يحمل (العموم عليه) خاصة- وهو مذهب مالك رحمه الله-؟ وهو مشكل من جهة أن الصحيح والمشهور: أن العام لا يخص بذكر بعضه, والفرع على الضعيف ضعيف.
وتوهم بعضهم: أن هذا من باب حمل المطلق على المقيد, (وليس كذلك, كما سيتضح لك- إن شاء الله- في باب حمل المطلق على المقيد) , وأن من شرطه أن يكون في كل, لا كلية.
حجة الجمهور: أن المخصص للعام لابد أن يكون بينه وبين العام منافاة, ولا منافاة بين كل الشيء وبعضه؛ لأن كل الشيء محتاج إلى بعضه, والمحتاج إليه لا ينافي المحتاج.
قلت: ويرد عليه أن هذا ليس مدرك الخصم, فإنه لم يجعل الجزء منافيًا لكل الشيء, حتى يلزم من إبطال مدركه إبطال مذهبه.
ويتعين المذهب الآخر, بل مدركه: أن ذكر بعض الشيء, وتخصيصه بالذكر, يقتضي أن حكم الكل مغاير للحكم المذكور في البعض, فلا يفهم العرب من قول القائل: قبضت بعض الدين, أو قبضت دينارًا- وله عنده مائة- إلا أن الباقي لم يقبض, فكذلك هاهنا, ففرق بين كل الشيء وبعضه,