ذلك من الحالات، ولا إشعار للفظ بركوب، ولا جلوس، ولا هيئة من الهيئات التي يمكن أن يفرض للمشركين على الخصوص، ومن ادعى أن قولنا: اعتق عبيدي، أنه يدل على أنهم مسافرون على الخصوص أو جياع فقد أبعد، ويدل على ما قلناه وجوه أربعة عقلية ونقلية:

الأول: أن لفظ: (اقتلوا المشركين) لو دل على السفر أو الإقامة أو الجوع أو العطش أو غير ذلك من الأحوال أو الخصوص، لدل إما مطابقة/، أو تضمنا أو التزاما، والثلاثة باطلة، فلا يدل مطلقا. (141/ أ)

أما أنه لا يدل مطابقة، فلأن لفظ المشركين لم يوضع للجوع ولا للجلوس، ما لا يوضع له اللفظ لا يدل عليه مطابقة.

أما أنه لا يدل تضمنا، فلأن الجلوس مثلا ليس جزء مدلول المشركين.

أما أنه لا يدل التزاما، فلأن الجوع أو الجلوس أو غيرهما، لا يلزم أحدهما مفهوم المشركين على التعيين، فإنهم قد يكونوا كلهم في ضد الحالة التي فرضت، بل اللفظ لا يدل على وجود المشركين ألبتة، فضلا عن هيئاتهم، فإن الله تعالى إذا قال: {اجلدوا الزناة المحصنين}، قد لا يكون في الوجود زان محصن ألبتة، وكذلك بقية العمومات.

نعم قد يكون الواقع أن الدنيا لا تعرى عن مشرك، وأن منهم مسافرين بالضرورة، لكن ليس ذلك من دلالة اللفظ، بل الواقع كذلك، والبحث إنما هو في دلالة اللفظ وإشعاره، فإن التعميم والتخصيص إنما هو متعلق بدلالة اللفظ، ولا يلزم من كون الواقع شيئا، أن يكون اللفظ دالا عليه، وإذا كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015