يشعر بجواز دليل يشذ عنه/ ويحيك في صدره إمكانه، فكيف يحم بدليل يجوز أن يكون الحكم (به) حراما؟

نعم إذا اعتقد جزما، وسكنت نفسه، جاز له الحكم، كان مخطئا عند الله أو مصيبا، كما لو سكنت نفسه بالقبلة فصلى إليها.

وقال قوم: لابد وأن يقطع بانتفاء الأدلة، وإليه ذهب القاضي؛ لأن الاعتقاد الجزم من غير دليل قاطع، سلامة قلب وجهل، بل العالم الكامل تشعر نفسه بالاحتمال، حيث لا قطع، والمشكل على هذا طريق (تحصيل) القطع بالنفي، وقد ذكره القاضي رحمه الله في مسلكين:

أحدهما: أنه إذا بحث في مسألة قتل المسلم بالذمي عن مخصصات قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يقتل مؤمن بكافر) مثلا، فقال: هذه مسألة طال فيها خوض العلماء، وكثر بحثهم، فيستحيل في العادة أن يشذ عن جميعهم (مدركها)، وهذه المدارك المنقولة عنهم علمت بطلانها، فأقطع بأنه لا مخصص.

قال: وهذا فاسد من وجهين:

أحدهما: أنه حجر على الصحابة -رضوان الله عليهم- أن يتمسكوا بالعموم في كل واقعة لم يكثر الخوض فيها، ولم يكثر البحث عنها، ولا شك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015