وثانيهما: من اعتقد ذلك أو وصفه به، كان ذلك الاعتقاد حقًا أو باطلًا.
قلت: هذا كلامه في المحصول، والذي أقول: إن قوله: "لا يقال إلا على شيء واحد على سبيل الحقيقة"، أنه ليس كذلك؛ لأن المخصص هو المخرج والصارف للموجب عن بعض موارده، وذلك نجده حقيقة في شيئين:
أحدهما: ثبوت الحكم في نفس الأمر- كما تقدم- وهو الذي قاله الإمام.
والثاني: صرف اعتقاد السامع عن ثبوت الحكم في جميع الأفراد إلى اعتقاد الاختصاص بالبعض الباقي.
فهذان مخصصان ومخرجان قطعًا، والمخرج في الأول هو إرادة المتكلم، كما قاله الإمام، والمخرج الثاني هو الدليل الدال على هذه الإرادة المخرجة لبعض الأفراد عن حكم / العموم، كان ذلك الدليل عقليًا، أو سمعيًا، أو قرائن الأحوال، أو غير ذلك مما يدل على أن العام مخصوص، فإنه مخرج عن اعتقاد السامع ما كان يثبت لولاه، وإذا وجدت حقيقة المشتق حقيقة أيضًا، فيكون المخصص حقيقة في هذين الشيئين جزمًا.
وأما قوله: "إذا جاز أن يرد الخطاب عامًا، وجاز أن يرد خاصًا، لم يترجح أحدهما على الآخر إلا بالإرادة"، فليس كذلك، بل يترجع العموم على الخصوص بالوضع والصراحة، بل كان ينبغي له أن يقول: لما كان مقتضى تعميم الحكم، لم يجز العدول عن العموم إلى الخصوص إلا بالإرادة، والمراد ها هنا: انصراف الحكم في نفس الأمر، لا للانصراف عن اعتقاد السامع،