والجسم، ونحوها، فإنك إنما تعبر عنها بلفظ "ما" الموضوعة لما لا يعقل، فإن العام لا يستلزم الخاص، فلا يندرج في تلك الأمور العامة مفهوم العاقل من حيث هو عاقل، وإن اندرج من حيث إنه جسم وموجود ومخلوق ونحوها، لكنه من هذه الجهة غير عاقل، وإذا لم يندرج فيه العقلاء من حيث هم عقلاء، كان اللفظ اللائق به هو لفظ "ما"، دون لفظ "من"، فلا تقول: كلمن خلقه الله تعالى ممكن، وأنت تريد جميع المخلوقات، بل: كل ما خلقه الله تعالى ممكن، وتقول: كل ما (هو) في الوجود شاهد بوجود الله تعالى وصفاته العلا، ولا تقول: كل من، وأنت تريد الاستيعاب الذي أراده الشاعر في قوله:

وفي كل شيء له آية .... تدل على أنه واحد

فلو أردت أن تضع موضع "شيء": "ما" أو "من"، كان المتعين "ما"، فإن الشيء بما هو لم يندرج فيه مفهوم العاقل من حيث هو عاقل، وإن اندرج فيه من حيث هو شيء، ولو قلت: من، لم يكن كلامًا عربيًا، ولذلك قال الله تعالى: {أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء}، ولم يقل: إلى من خلق الله من شيء، فإن الشيء بما هو شيء لا يستحق لفظ "من"، بل "ما"، وتقول: كل ما سوى الله تعالى محدث، وكل ما سوى الله تعالى محتاج لقدرته وإرادته، ونحو ذلك من العبارات، ولا تأتي بـ "من" ألبتة، وإن كنت تريد العموم الذي اندرج فيه العقلاء.

إذا تقررت هذه القاعدة، فنقول لك في هذه المعاني العامة أربعة أحوال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015