أحدها: الاستثناء مع المستثنى منه كاللفظة الواحدة الدالة على الشيء الواحد، فالسبعة مثلًا لها عبارتان أو اسمان: سبعة، وعشرة إلا ثلاثة، والتخصيص ليس كذلك.
قلت: ويرد على هذا الفرق التخصيص بالشرط، والغاية، والصفة، فإن هذه الثلاثة التي تستقل بأنفسها، فتضم إلى ما قبلها كالاستثناء، ويصير الجميع عبارة واحدة عما بقي، فقوله تعالى: {فاقتلوا المشركين} إن حاربوا أو المحاربين، أو (حتى يقتلوا الحرابة)، لا يفهم من الجميع إلا الاقتصار على قتل المحاربين خاصة.
وثانيها: أن التخصيص قد ثبت بقرائن الأحوال، فإنه إذا قال: رأيت الناس، دلت القرينة على أنه ما رأى الناس كلهم؛ لأن العادة قاضية بعجزه عن رؤية الآفاق، والعقل دل على عجزه عن رؤية الماضين من الناس والمستقبلين، والاستثناء لا يحصل لغة بالقرائن، فليس له أن يقول: صمت ألف سنة، ويستعمله في بعضها، اعتمادًا على الاستثناء؛ لأن الاستثناء لابد فيه من اللفظ عند أهل اللغة، فلا يمكن أن يريد البعض مجازًا، فإن أسماء الأعداد نصوص لا تقبل المجاز.
وثالثها: أن التخصيص يجوز تأخيره لفظًا، والاستثناء لا يجوز فيه ذلك.