جمع القلة قد يستعمل مكان جمع الكثرة مجازًا، وجمع الكثرة قد يستعمل مكان جمع القلة مجازًا، والعلاقة بينهما اشتراكهما في أصل الجمع، يشير إلى أن العلاقة بينهما هي المشابهة، / ومتى كانت العلاقة هي المشابهة، كان المجاز استعارة، باتفاق أرباب علم البيان والأصول، فقد صرح في المغني بالاستعارة، كما صرح بها الزمخشري، واتفقا على أن كل واحد من اللفظين لا يصدق حقيقة فيما ذكر، بل مجازًا.
وكذلك تظافرت مباحث المفسرين والنحاة في قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}، فقالوا: كيف جمع بين لفظ الثلاثة التي هي دون العشرة، وبين لفظ القرء، الذي وزنه فعول، الذي هو من جموع الكثرة، بخروجه عما تضمنه البيت المتقدم، مع أن الممكن أن يقال: ثلاثة أقراء، على وزن أفعال، الذي هو موضوع لما دون العشرة، فلا يناقض لفظ الثلاثة؟
وأجابوا عن ذلك: بأن اللفظ في الآية مجاز، موضوع موضع أقراء، وهو يؤكد ما تقدم، ولم أر في هذا الباب نقلًا يناقض هذا النقل، وطلبته أنا وجمع كثير من الفضلاء في كتب النحاة والأصوليين فلم نجده.
إذا تقررت هذه النقول، أشكل بعد ذلك قول النحاة والأصوليين والفقهاء