وقال الأصوليون: إن المشركين والمؤمنين ونحو ذلك، من صيغ العموم، وكذلك الأحمال والأجمال، والصبية والأفلس، ونحوها، كلها موضوعة للعموم، ويتناول لغة ما لا يتناهى، وما لا ينحصر.
وهذا النقل ظاهر مناقض للنقل الأول، والأصوليون طائفة عظيمة الشأن، كثيرة العدد، لا يمكن تخطئتها في النقل عن العرب، وكذلك النحاة واللغويون، طائفة عظيمة الشأن، وهي تنقل عن العرب أيضًا، ولا يمكن أن يقال: إن النحاة واللغويين أقعد بلسان العرب من الأصوليين، فيقدمون عليهم، لأن ذلك يلزم فيه تخطئة الأصوليين/، ولا سبيل إلى رد ذلك، فإن خطأ مثل هؤلاء بعيد جدًا، فلابد من الفكرة في معنى القولين، حتى يقع الجمع بينهما.
وقد أشار إمام الحرمين في البرهان، والإمام فخر الدين في المحصول، إلى طريق الجمع بينهما، بأن نعتقد أن قول الأصوليين محمول على التعريف باللام، أو الإضافة، نحو: الأجمال، وأجمال القوم، فهذان اللفظان في هذه الصورة للعموم، ويحمل قول اللغويين والنحاة على حالة التنكير، نحو: أجمال، وصبية، ونحو ذلك من هذه الصيغ، إذا وقعت منكرة، فهذه هي الموضوعة للعشرة فما دونها، ولا يتناول ما فوقها.
فأما إذا عرفت هذه الصيغ، فقلنا: "المؤمنين" و"المشركين" ونحو ذلك، فإنها موضوعة للعموم الذي لا ينحصر ولا يتناهى، وحينئذ يذهب التناقض بين القولين، ويجتمع كلام الفئتين في النقل عن العرب، باعتبار حالتين لهذه