وكذلك نقول له في: ليس في الدار أحد؟ فيجيب بالنفي العام؛ لأن الواقع وإن كان السؤال إنما وقع عن الوجود، فالحكم الواقع غير المسئول عنه.
وكذلك "كم" الاستفهامية، إذا قال: كم عندك درهمًا؟ فمعناه: أني سائلك عن جميع رتب الأعداد من الدرهم، من الاثنين إلى ما لا يتناهى من المئين والآلاف، غير واقف باستفهامي عند حد.
فحكم الاستفهام شامل لجميع رتب الأعداد، كما أن "متى" شاملة لجميع الأزمنة، والنظائر المتقدمة.
وكذلك "أيان" في مثل قوله تعالى: {يسألونك عن السماعة أيان مرساها}، معناه: متى تأتي؟ وأي زمان ترسي فيه؟ .
فسؤالهم شامل لجميع الأزمنة بحيث لم يبق زمان إلا وسؤالهم متعلق به، فلو عين بعد ذلك زمان كان كنعيين زيد للكون في الدار، مطابق للواقع لا لحكم الاستفهام الذي وقع به العموم.
وبهذا التقرير يظهر لك أن "من" في الحكاية كيفما تصرفت للعموم، بسبب شمول السؤال لجميع المراتب من الرجال في قوله: جاءني رجال، فتقول: منون، أي: أني سائلك عن جميع أفراد الجماعات، وكذلك في التثنية معناه: أني سائلك عن جميع أفراد التثنية، إذا قال: جاءني رجلان، فتقول: منان، وعلى هذا النحو جميع رتب "من" في الحكايات.