عمرو بن عتبة قال: لما بلغت خمس عشرة سنة قال لي أبي: يا بني؛ قد تقطعت عنك شرائع الصّبا فالزم الحياء تكن من أهله، ولا تزايله «1» فتبين منه؛ ولا يغرّنك من اغتر بالله فيك فمدحك بما تعلم خلافه من نفسك؛ فإنه من قال فيك من الخير ما لم يعلم إذا رضي، قال فيك من الشر مثله إذا سخط. فاستأنس بالوحدة من جلساء السوء تسلم من غبّ عواقبهم.
وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: كفّوا الأذى، وابذلوا المعروف، واعفوا إذا قدرتم، ولا تبخلوا إذا سئلتم، ولا تلحفوا «2» إذا سألتم؛ فإنه من ضيّق ضيّق عليه، ومن أعطى أحلف الله عليه.
وقال الأشعث بن قيس لبنيه: يا بنيّ، لا تذلّوا في أعراضكم، وانخدعوا في أموالكم؛ ولتخفّ بطونكم من أموال الناس، وظهوركم من دمائهم، فإنّ لكل امرىء تبعة «3» ؛ وإياكم وما يعتذر منه أو يستحى؛ فإنما يعتذر من ذنب، ويستحي من عيب؛ واصلحوا المال لجفوة السلطان وتغير الزمان، وكفوا عند الحاجة عن المسألة؛ فإنه كفى بالردّ منعا؛ وأجملوا في الطلب حتى يوافق الرزق قدرا؛ وامنعوا النساء من غير الأكفاء؛ فإنكم أهل بيت يتأسّى «4» بكم الكريم، ويتشرف بكم اللئيم، وكونوا في عوام الناس ما لم يضطرب الحبل «5» ، فإذا اضطرب الحبل فالحقوا بعشائركم.
وكتب عمر بن الخطاب إلى ابنه عبد الله في غيبة غابها: أما بعد فإن من اتقى الله وقاه، ومن اتكل عليه كفاه، ومن شكر له زاده، ومن اقترضه جزاه. فاجعل التقوى