قال أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه:
قد مضى قولنا في العلم والأدب وما يتولّد منهما وينسب إليهما من الحكم النادرة، والفطن البارعة.
ونحن قائلون بعون الله وتوفيقه في الأمثال، التي هي وشي الكلام وجوهر اللفظ، وحلى المعاني، والتي تخيّرتها العرب، وقدّمتها العجم، ونطق بها كلّ زمان وعلى كل لسان. فهي أبقى من الشّعر، وأشرف من الخطابة، لم يسر شيء مسيرها، ولا عمّ عمومها، حتى قيل: أسير من مثل.
وقال الشاعر:
ما أنت إلا مثل سائر ... يعرفه الجاهل والخابر «1»
وقد ضرب الله عز وجل الأمثال في كتابه، وضربها رسول الله صلّى الله عليه وسلم في كلامه.
قال الله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ
«2» وقال: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ
«3» . ومثل هذا كثير في آي القرآن.
فأول ما نبدأ به: أمثال رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ثم أمثال العلماء، ثم أمثال أكثم بن صيفي