ومن أحسن الكناية اللطيفة عن المعنى الذي يقبح ظاهره: قيل لعمر بن عبد العزيز، وقد نبت له حبن «1» تحت أنتييه «2» : أين نبت بك هذا الحبن؟ قال: بين الرانفة «3» والصّفن «4» .
وقال آخر، ونبت به حبن في أبطه، أين نبت بك هذا الحبن؟ قال: تحت منكبي.
وقد كنى الله تعالى في كتابه عن الجماع بالملامسة، وعن الحدث بالغائط فقال:
أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ
«5» - والغائط: الفحص، وجمعه غيطان- وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ
«6» وإنما كنى به عن الحدث.
وقال تعالى: وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ
«7» فكنى عن البرص.
ودخل الربيع بن زياد على النعمان بن المنذر وبه وضح، فقال: ما هذا البياض بك؟ فقال: سيف الله جلاه.
ودخل حارثة بن بدر على زياد وفي وجهه أثر، فقال زياد: ما هذا الأثر الذي في وجهك؟ قال: ركبت فرسي الأشقر فجمح بي. فقال: أما إنك لو ركبت الأشهب لما فعل ذلك. فكنى حارثة بالأشقر عن النبيذ، وكنى زياد بالأشهب عن اللبن.
وقال معاوية للأحنف بن قيس: أخبرني عن قول الشاعر: