العقد الفريد (صفحة 534)

من عباده، أشعر قلبه الأسف على ما لم يقدر له، وأغاره «1» الكلف بما لم يكن ليناله.

أنشدني فتى بالرملة:

اصبر على حسد الحسود ... فإنّ صبرك قاتله

كالنار تأكل بعضها ... إن لم تجد ما تأكله

وقال عبد الملك بن مروان للحجاج: إنه ليس من أحد إلا وهو يعرف عيب نفسه، فصف لي عيوبك. قال: أعفني يا أمير المؤمنين. قال: لست أفعل. قال: أنا لحوح، لدود، حقود، حسود. قال: ما في إبليس شرّ من هذا.

وقال المنصور لسليمان بن معاوية المهلّبي: ما أسرع حسد الناس إلى قومك! فقال:

يا أمير المؤمنين:

إنّ العرانين تلقاها محسّدة ... ولا ترى للئام الناس حسّادا «2»

وأنشد أبو موسى لنصر بن سيار:

إنّي نشأت وحسّادي ذوو عدد ... ياذا المعارج لا تنقص لهم عددا «3»

إن تحسدوني على حسن البلاء بهم ... فمثل حسن بلائي جرّ لي حسدا

وقال آخر:

إن يحسدوني فإنّي غير لائمهم ... قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا

فدام لي ولهم ما بي وما بهم ... ومات أكثرنا غيظا بما يجد

وقال آخر:

إنّ الغراب وكان يمشي مشية ... فيما مضى من سالف الأحوال

حسد القطاة فرام يمشي مشيها ... فأصابه ضرب من العقّال

فأضلّ مشيته وأخطأ مشيها ... فلذاك كنّوه أبا مرقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015