العقد الفريد (صفحة 400)

فإذا ولّى أبو دلف ... ولّت الدنيا على أثره

فقال: يا أمير المؤمنين، شهادة زور، وكذب شاعر، وملق مستجد «1» ؛ ولكني الذي يقول فيه أبن أخيه:

ذريني أجوب الأرض في طلب الغنى ... فما الكرخ بالدنيا ولا الناس قاسم

الكرخ: منزل أبي دلف. وكان اسمه قاسم بن عبد الله.

المنصور ومعن بن زائدة:

وقال المنصور لمعن بن زائدة: ما أظنّ ما قيل عنك من ظلمك أهل اليمن واعتسافك عليهم إلا حقا؟ قال: كيف ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: بلغني عنك أنك أعطيت شاعرا لبيت قاله ألف دينار. وأنشده البيت، وهو:

معن بن زائدة الذي زيدت به ... فجرا إلى فجر بنو شيبان

قال: نعم يا أمير المؤمنين، قد أعطيته ألف دينار، ولكن على قوله:

ما زلت يوم الهاشميّة معلما ... بالسيف دون خليفة الرحمن

فمنعت حوزته وكنت وقاءه ... من وقع كلّ مهنّد وسنان

قال: فاستحيا المنصور وجعل ينكت «2» بالمخصرة، ثم رفع رأسه وقال: اجلس أبا الوليد.

عبد الملك وأعرابي سرق:

أتي عبد الملك بن مروان بأعرابيّ سرق، فأمر بقطع يده، فأنشأ يقول:

يدي يا أمير المؤمنين أعيذها ... بعفوك أن تلقى مكانا يشينها

ولا خير في الدنيا وكانت حبيبة ... إذا ما شمالي فارقتها يمينها

فأبى إلا قطعه؛ فقالت أمه: يا أمير المؤمنين، واحدي وكاسبي. قال: بئس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015