طلحة وصاحب حرس هشام، حتى قعدا بين يديه، فقال: إن أمير المؤمنين جرّاني «1» في خصومة بينه وبين إبراهيم. فقال القاضي: شاهديك على الجراية. قال أتراني قلت على أمير المؤمنين ما لم يقل، وليس بيني وبينه إلا هذه السّترة؟ قال: بلى، ولكنه لا يثبت الحق لك ولا عليك إلا ببينة. قال: فقام الحرسيّ فدخل إلى هشام فأخبره، فلم نلبث أن قعقعت الأبواب «2» وخرج الحرسي فقال: هذا أمير المؤمنين. وخرج هشام، فلما نظر إليه القاضي قام، فأشار إليه وبسط له مصلى، فقعد عليه وإبراهيم بين يديه، وكنا حيث نسمع بعض كلامهم ويخفى عنّا بعضه. قال: فتكلما وأحضرا البيّنة.
فقضى القاضي على هشام. فتكلم إبراهيم بكلمة فيها بعض الخرق «3» ، فقال: الحمد لله الذي أبان للناس ظلمك. فقال له هشام: لقد هممت أن أضربك ضربة ينتثر منها لحمك عن عظمك. قال: أما والله لئن فعلت لتفعلنه بشيخ كبير السن قريب القرابة واجب الحق. فقال هشام: استرها عليّ! قال: لا ستر الله عليّ إذا ذنبي يوم القيامة إن سترتها. قال: فإني معطيك عليها مائة ألف. قال إبراهيم: فسترتها عليه حياته ثمنا لما أخذت منه، وأذعتها بعد مماته تزيينا له.
: قال: وورد على الحجاج بن يوسف سليك بن سلكة «4» فقال: أصلح الله الأمير، أرعني سمعك «5» ، واغضض عني بصرك، واكفف عني غربك «6» ؛ فإن سمعت خطأ أو زلال دونك والعقوبة. قال: قل. فقال: عصى عاص من عرض العشيرة؛ فخلّق على اسمي «7» وهدم منزلي، وحرمت عطائي. قال: هيهات! أو ما سمعت قول الشاعر: