العقد الفريد (صفحة 1754)

وبكاء فاطمة الكئيبة ... والمدامع جاريه

ومقالها بتوجّع ... يا سوأتي وشقائيه

من لي وقد غضب الزّما ... ن على جميع رجاليه

يا لهف نفسي لهفها ... ما للزّمان وماليه

يا عطفة الملك الرّضا ... عودي علينا ثانيه

فلم يكن له جواب من الرشيد.

عهد يحيى إلى الرشيد:

واعتلّ يحيى في الحبس، فلما أشفى «1» دعا برقعة فكتب في عنوانها: ينفذ أمير المؤمنين عهد مولاه يحيى بن خالد. وفيها مكتوب:

بسم الله الرحمن الرحيم. قد تقدّم الخصم إلى موقف الفصل، وأنت على الأثر، والله حكم عدل، وستقدم فتعلم.

فلما ثقل «2» قال للسبحان: هذا عهدي توصّله إلى أمير المؤمنين، فإنه وليّ نعمتي، وأحق من نفّذ وصيتي.

فلما مات يحيى أوصل السجان عهده إلى الرشيد.

جواب الرشيد:

قال سهل بن هارون: وأنا عند الرشيد إذ وصلت الرقعة إليه، فلما قرأها جعل يكتب في أسفلها ولا أدري لمن الرقعة، فقلت له: يا أمير المؤمنين، ألا أكفيك؟

قال: كلا، إني أخاف عادة الراحة أن تقوّي سلطان العجز! فيحكم بالغفلة ويقضي بالبلادة! ووقع فيها: الحكم الذي رضيت به في الآخرة لك هو أعدى الخصوم عليك، وهو من لا ينقض حكمه، ولا يردّ قضاؤه. قال: ثم رمى بالصك إليّ فلما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015