وبكاء فاطمة الكئيبة ... والمدامع جاريه
ومقالها بتوجّع ... يا سوأتي وشقائيه
من لي وقد غضب الزّما ... ن على جميع رجاليه
يا لهف نفسي لهفها ... ما للزّمان وماليه
يا عطفة الملك الرّضا ... عودي علينا ثانيه
فلم يكن له جواب من الرشيد.
واعتلّ يحيى في الحبس، فلما أشفى «1» دعا برقعة فكتب في عنوانها: ينفذ أمير المؤمنين عهد مولاه يحيى بن خالد. وفيها مكتوب:
بسم الله الرحمن الرحيم. قد تقدّم الخصم إلى موقف الفصل، وأنت على الأثر، والله حكم عدل، وستقدم فتعلم.
فلما ثقل «2» قال للسبحان: هذا عهدي توصّله إلى أمير المؤمنين، فإنه وليّ نعمتي، وأحق من نفّذ وصيتي.
فلما مات يحيى أوصل السجان عهده إلى الرشيد.
قال سهل بن هارون: وأنا عند الرشيد إذ وصلت الرقعة إليه، فلما قرأها جعل يكتب في أسفلها ولا أدري لمن الرقعة، فقلت له: يا أمير المؤمنين، ألا أكفيك؟
قال: كلا، إني أخاف عادة الراحة أن تقوّي سلطان العجز! فيحكم بالغفلة ويقضي بالبلادة! ووقع فيها: الحكم الذي رضيت به في الآخرة لك هو أعدى الخصوم عليك، وهو من لا ينقض حكمه، ولا يردّ قضاؤه. قال: ثم رمى بالصك إليّ فلما