موصيك بخلال أربع: لا تفشينّ له سرّا، ولا يجرّبنّ عليك كذبا، ولا تطو عنه نصيحة، ولا تغتابنّ عنده أحدا.
قال الشعبي: فقلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف. قال: إي والله، ومن عشرة آلاف.
: وفي كتاب للهند «1» : أنّ رجلا دخل على بعض ملوكهم فقال: أيها الملك، إنّ نصيحتك واجبة في الصغير الحقير والكبير الخطير، ولولا الثقة بفضيلة رأيك، واحتمالك ما يشقّ «2» موقعه [من الأسماع والقلوب] «3» في جنب صلاح العامة وتلافي الخاصة، لكان خرقا مني «4» أن أقول؛ ولكنا إذا رجعنا إلى أنّ بقاءنا موصول ببقائك، وأنفسنا متعلقة بنفسك، لم نجد بدّا من أداء الحق إليك وإن أنت لم تسلني ذلك، فإنه يقال: من كتم السلطان نصيحته، والأطباء مرضه، والإخوان بثّه «5» ، فقد أخلّ بنفسه؛ وأنا أعلم أنّ كل كلام يكرهه سامعه لا يتشجّع عليه قائله، إلا أن يثق بعقل المقول؛ فإنه إذا كان عاقلا احتمل ذلك؛ لأنه ما كان فيه من نفع فهو للسامع دون القائل. وإنّك أيها الملك ذو فضيلة في الرأي وتصرّف في العلم، ويشجعني ذلك على أن أخبرك بما تكره، واثقا بمعرفتك نصيحتي لك وإيثاري إيّاك على نفسي.
: وقال عمرو بن عتبة للوليد حين تغيّر الناس عليه: يا أمير المؤمنين، إنه ينطقني الأنس بك، وتسكتني الهيبة لك، وأراك تأمن أشياء أخافها عليك، أفأسكت مطيعا أم أقول مشفقا؟ قال: كلّ مقبول منك، ولله فينا علم غيب نحن صائرون إليه. فقتل بعد ذلك بأيام.