يأمر إلا عدلا؛ ولا ينطق إلا فصلا عبئا لدينه وأمانته؛ كافّا ليده ولسانه.
وكتب محمد بن عبد الملك الزيات: إنّ حقّ الأولياء على السلطان: تنفيذ أمورهم، وتقويم أودهم «1» ، ورياضة أخلاقهم، وأن يميز بينهم، فيقدّم محسنهم، ويؤخر مسيئهم؛ ليزداد هؤلاء في إحسانهم، ويزدجر هؤلاء عن إساءتهم.
وفصل له: إن من أعظم الحقّ حقّ الدين، وأوجب الحرمة حرمة المسلمين؛ فحقيق لمن راعى ذلك الحق وحفظ تلك الحرمة، أن يراعى له حسب ما راعاه الله، ويحفظ له حسب ما حفظ الله على يديه.
وفصل له: إن الله أوجب لخلفائه على عباده حقّ الطاعة والنصيحة، ولعبيده على خلفائه بسط العدل والرأفة، وإحياء السّنن الصالحة؛ فإذا أدّى كلّ إلى كلّ حقّه، كان ذلك سببا لتمام النعمة، واتصال الزيادة، واتساق الكلمة، ودوام الألفة.
وفصل: ليس من نعمة يجدّدها الله لأمير المؤمنين في نفسه خاصة، إلا اتصلت برعيته عامّة، وشملت المسلمين كافة، وعظم بلاء الله عندهم فيها، ووجب عليهم شكره عليها: لأن الله جعل بنعمته تمام نعمتهم، وبتدبيره وذبّه «2» عن دينه حفظ حريمهم، وبحياطته حقن دمائهم وأمن سبيلهم؛ فأطال الله بقاء أمير المؤمنين، مؤيّدا بالنصر، معزّزا بالتمكين، موصول البقاء للنعيم المقيم.
فصل: الحمد لله الذي جعل أمير المؤمنين معقود النية بطاعته، منطوي القلب على مناصحتهم، مشحوذ السيف على عدوّه؛ ثم وهب له الظفر، ودوّخ له البلاد، وشرّد به العدو، وخصه بشرف الفتوح شرقا وغربا، وبرا وبحرا.
وفصل: أفعال الأمير عندنا معسولة «3» كالأماني، متصلة كالأيام؛ ونحن نواتر الشكر لكريم فعله، ونواصل الدعاء له مواصلة بره؛ إنه الناهض بكلنا، والحامل