هنيئا، ومزدردا لينا، وأظنه الصراط المستقيم الذي ذكره الله في كتابه! قال: فضحك سليمان وقال: أزيدك منه يا أعرابي، فإنهم يذكرون أنه يزيد في الدماغ، قال: كذبوك يا أمير المؤمنين لو كان كذلك لكان رأسك مثل رأس البغل.
قال: ومررت بأعرابي يأكل في رمضان، فقلت له: ألا تصوم يا أعرابي؟ فقال:
وصائم هبّ يلحاني فقلت له ... اعمد لصومك واتركني وإفطاري
واظما فإني سأروى ثم سوف ترى ... من ذا يصير إذا متنا إلى النّار
وحضر سفرة سليمان أعرابي، فنظر إلى شعرة في لقمة الأعرابي؛ فقال: أرى شعرة في لقمتك يا أعرابي! قال: وإنك لتراعيني مراعاة من يبصر الشعرة في لقمتي؟
والله لا واكلتك أبدا! فقال: استرها يا أعرابي، فإنها زلة ولا أعود إلى مثلها.
أبو عثمان المازني قال: قال أبو مهدية: بلغني أن الأعراب والأعزاب هجاهما واحد. قلت: نعم. قال: فاقرأ: «الأعزاب أشدّ كفرا ونفاقا» ولا تقرأ: الأعراب.
ولا يغرّك العزب وإن صام وصلى.
وتوفي بنيّ لأبي مهدية صغير، فقيل له: أبشر أبا مهدية؛ فإنا نرجو أن يكون شفيع صدق يوم القيامة! قال: لا وكلنا الله إلى شفاعته، إذا والله يكون أعيانا لسانا وأضعفنا حجة؛ ليته المسكين كفانا نفسه! وقيل لأبي مهدية: أكنتم تتوضؤن بالبادية؟ قال: نعم والله؛ لقد كنا نتوضأ فتكفي التوضئة الواحدة الرجل منا الثلاثة الأيام والأربعة، حتى دخلت علينا هذه