بدنه ضعيف، ومنّته عاجزة؛ قد انتهت عدّته، وخلقت جدته، وتم ظمؤه؛ لا تخيبني وأنا أرجوك، ولا تعذبني وأنا أدعوك، والحمد لله على طول النسيئة، وحسن التباعة، وتشنج العروق، وإساغة الريق، وتأخر الشدائد؛ والحمد لله على حلمه بعد علمه، وعلى عفوه بعد قدرته؛ والحمد لله الذي لا يودى قتيله، ولا يخيب سوله، ولا يردّ رسوله. اللهم إني أعوذ بك من الفقر إلا إليك، ومن الذل إلا لك؛ وأعوذ بك أن أقول زورا، أو أغشى فجورا، أو أكون بك مغرورا؛ وأعوذ بك من شماتة الأعداء، وعضال «1» الداء، وخيبة الرجاء، وزوال النعمة، وفجاءة النقمة.
دعا أعرابي وهو يطوف بالكعبة فقال: إلهي، من أولى بالتقصير والزلل مني وأنت خلقتني، ومن أولى بالعفو منك عني وعلمك بي ماض، وقضاؤك بي محيط؛ أطعتك بقوتك والمنة لك، وعصيتك بعلمك، فأسألك يا إلهي بوجوب رحمتك، وانقطاع حجّتي، وافتقاري إليك، وغناك عني- أن تغفر لي وترحمني، إلهي لم أحسن حتى أعطيتني. فتجاوز عن الذنوب التي كتبت عليّ، اللهم إنا أطعناك في أحب الأشياء إليك: شهادة أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، ولم نعصك في أبغض الأشياء إليك: الشرك بك؛ فاغفر لي ما بين ذلك؛ اللهم إنك آنس المؤنسين لأوليائك، وأحضرهم للمتوكلين عليك. إلهي أنت شاهدهم وغائبهم، والمطلع على ضمائرهم، وسرّي لك مكشوف، وأنا إليك ملهوف؛ إذا أوحشتني الغربة، آنسني ذكرك؛ وإذا أكبت عليّ الغموم، لجأت إلى الاستجارة بك؛ علما بأن أزمة «2» الأمور كلها بيدك، ومصدرها عن قضائك، فأقللني إليك مغفورا لي، معصوما بطاعتك باقي عمري، يا أرحم الراحمين.
الأصمعي قال: حججت فرأيت أعرابيا يطوف بالكعبة ويقول: يا خير موفود سعى إليه الوفد، قد ضعفت قوّتي، وذهبت منتي، وأتيت إليك بذنوب لا تغسلها الأنهار ولا تحملها البحار؛ أستجير برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، ثم