يرضى من أفعاله الظاهرة والباطنة بالجائز منها، بل يأخذ بالأكمل؛ فإن العلماء هم القدوة وإليهم المرجع في الأحكام، وهم حجة الله على العوام، وقد يراقبهم للأخذ عنهم من لا ينظرونه، ويقتدي بهديهم من لا يعلمونه، إذا لم ينتفع العالم بعلمه فغيره أبعد عن الانتفاع به، كما قال الشافعي: ليس العلم ما حفظ، العلم ما نفع1؛ ولهذا عظمت زلة العالم لما يترتب عليها من المفاسد لاقتداء الناس به.
ومنها: أن يتخلق كل منهما بالمحاسن2 التي ورد الشرع بها من الزهد والسخاء والجود وطلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة، وكظم الغيظ، وكف الأذى عن الناس، واختماله منهم، وأن يتنزه عن دنيء الأكساب طبعا، ومكروهها شرعا، كالحجامة، والدباغة، والصياغة، وملازمة الورع والخشوع، والسكينة والوقار، والتواضع وإفشاء السلام، وإطعام الطعام، والإيثار وترك الاستئثار، والإنصاف وترك الاستنصاف، وشكر المتفضل، والسعي في قضاء الحاجات، وبذل الجاه والشفاعات، والتلطف بالفقراء، والتحبب إلى الجيران والأقرباء، ومجانبة الإكثار من الضحك والمزاح3؛ فإنه يقلل الهيبة ويسقط الحشمة كما قيل: من مزح استخف به، من أكثر من شيء عُرف به4.
ومنها: أن يُلزم نفسه الخوف والْحَزَن والانكسار والصمت، ويظهر الخشية