جمع، فالكل يقع فرض كفاية، ولو أطبقوا كلهم على تركه أثم كل من لا عذر له ممن علم بذلك وأمكنه القيام به، ولا يأثم من لم يتمكن لكونه غير أهل أو لعذر، ولو اشتغل شخص بالفقه، وظهرت نجابته فيه ورُجي فلاحه وتبريزه فوجهان؛ أحدهما: يتعين عليه الاستمرار لقلة من يحصل له هذه المرتبة، وأصحهما: لا يتعين؛ لأن الشروع لا يعين المشروع فيه عندنا إلا في الحج والعمرة والجهاد وصلاة الجنازة، ولو خلت البلدة عن مُفْتٍ فقيل: يحرم المقام بها، والأصح لا إن أمكن الذهاب إلى مفتٍ، وإذا قام بالفتوى إنسان في مكان سقط به فرض الكفاية إلى مسافة القصر من كل جانب، واعلم أن للقائم بفرض الكفاية مزية على القائم بغرض العين؛ لأنه أسقط الحرج عن الأمة.
قلت: لأن القائم بفرض الكفاية اتخذه لنفسه فرض عين وشغل نفسه به فلذلك أسقط الإثم عن الباقين.
المرتبة الثالثة 1: النفل: الذي هو من الفضائل لا الفرائض، وهو كالتبحر في أصول الأدلة والإمعان فيها وراء القدر الذي يحصل به فرض الكفاية، وكالتعمق في دقائق الحساب وحقائق الطب، وكتعلم العامي نوافل العبادات لغرض العمل، لا ما يقوم به العلماء من تمييز الفرض من النفل، فإن ذلك فرض كفاية في حقهم، والله أعلم.
فصل 2: قد ذكرنا مراتب العلم الشرعي، ومن العلوم الخارجة عنه ما هو محرم أو مكروه أو مباح، فالمحرم كتعلم السحر فإنه حرام على المذهب الصحيح، وبه قطع الجمهور؛ كالفلسفة، والشعبذة3، والتنجيم، وعلوم الطبائعيين، وكل ما كان سببا لإثارة الشكوك، وتتفاوت في التحريم.