الصَّادِقِينَ} 1، وقال الحارث المحاسبي2: الصادق هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الخلق من أجل صلاح قلبه، ولا يحب اطلاع الناس على مثاقيل الذر من عمله، ولا يكره اطلاعهم على السيئ من عمله، فإن كراهته لذلك دليل على حب الزيادة عندهم، وليس هذا من إخلاص الصديقين. وقيل: إذا طلبت الله بالصدق أعطاك مرآة تبصر فيها كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة. وقيل: عليك بالصدق حيث تخاف أنه يضرك فإنه ينفعك، ودع الكذب حيث إنه ينفعك فإنه يضرك، وسئل فتح الموصلي3 عن الصدق فأدخل يده في كير الحداد وأخرج الحديدة المحماة ووضعها على كفه وقال: هذا هو الصدق.

وقال الجنيد: الصادق يتقلب في اليوم أربعين مرة، والمرائي يثبت على حالة واحدة أربعين4 سنة، قال شيخ الإسلام النووي5: معناه أن الصادق يدور مع الشرع حيث دار، فإذا كان الفضل الشرعي في الصلاة مثلا صلى، أو في مجالسة العلماء أو الضيفان أو العيال أو قضاء حاجة مسلم أو جبر قلب مكسور ونحو ذلك فعل، أو في صوم أو قراءة أو ذكر أو أكل وشرب أو جد أو مزاح أو عزلة أو خلطة أو تنعم أو ابتدال ونحوها أتى به، فحيث رأى الفضيلة في شيء من هذا فعله، كما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل6 ولا يرتبط بعادة ولا بعبادة مخصوصة كما يفعله المرائي، ولا شك في اختلاف أحوال الشيء في الأفضلية، فإن الصوم حرام يوم العيد، واجب قبله، مسنون بعده، ويندب تحسين اللباس يوم الجمعة والعيد، وخلافه يوم الاستسقاء وما أشبه ذلك. انتهى. وأقوالهم غير محصورة في ذلك، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015