والشافعي -رضي الله عنهما- خاصة، فترك الناس الكلام وانثالوا1 على المسائل الخلافية بين أبي حنيفة والشافعي خاصة.
وزعموا أنهم إنما يفعلون ذلك لله تعالى، وغرضهم استنباط دقائق الشرع وبيان مآخذ الأحكام، وأكثروا فيه التصانيف ورتبوا طرق المجادلات، وأعرضوا عن الخلاف مع مالك وأحمد بن حنبل وسفيان مع أنهم كانوا يخالفون في جملة من الأحاديث، والبحث عن معاني الأحاديث وما لا يصح منها وما يصح أهم في مآخذ الأحكام، ولكن كانت رغبتهم بحسب ميل [الولاة و] 2 الصدور للتوسل إلى الصلات والولايات3، فلم يشتغلوا إلا بما يروج4 عندهم، ثم لم يسكتوا عن قولهم إنه لا باعث لهم إلا الدين وإحياء الشرع، ولو مالت نفوس أرباب الولايات إلى الخلاف مع أحمد بن حنبل ومع مالك وغيرهم لاشتغلوا بالبحث عن مذاهبهم ومناقضاتهم.
قال: فهكذا كان ترتيب الأعصار إلى الآن، ولا ندري ما قدره الله تعالى فيما بعد من الأعصار، فهذا هو الباعث على الإكباب على الخلافيات والمناظرة لا غير5. انتهى.
هذا ما كان في زمن الغزالي، وأما في عصرنا هذا فقد قصرت الهمم، وراج الجهل وذووه، فلا إكباب لمن ينتسب للعلم على شيء مما تقدم، ولكن ربما وقع بينهم مناظرات ومناقضات لائقة بحالهم، ونحن إنما اتبعنا