وإذا استفتي فأجيب ثم حدثت تلك الواقعة مرة أخرى فهل يلزمه تجديد السؤال؟ وجهان:
أحدهما: نعم، لاحتمال تغير رأي المفتي.
والثاني: لا، قال النووي: وهو الأصح؛ لأنه قد عرف الحكم الأول، والأصل استمرار المفتي عليه.
وله أن يستفتي بنفسه، وأن يبعث ثقة يعتمد خبره أو رقعة، وله الاعتماد على خط المفتي إذا أخبره من يثق بقوله إنه خطه، أو كان يعرف خطه، ويكفي ترجمان واحد إذا لم يعرف لغته1، والله أعلم.
السادسة2: ينبغي للمستفتي أن يتأدب مع المفتي ويبجله في خطابه وجوابه، وإذا خاطبه لا يومئ بيده إلى وجهه، ولا يقل ما تحفظه في كذا؟ أو ما مذهب إمامك في كذا؟ وإذا أجابه لا يقل هكذا أنا قلت، ولا يقل إن كان جوابك موافقا لمن كتب فاكتب وإلا فلا تكتب، ولا يسأله وهو قائم أو مستوفز أو مشغول بما يمنعه من تمام الفكر، ولا يطالبه بدليل، فإن أحب أن تسكن نفسه بسماع الحجة طلبها في مجلس آخر أو في ذلك المجلس بعد قبول الفتوى مجردة، قال ابن السمعاني3: لا يمنع من طلب الدليل، وإنه يلزم المفتي أن يذكر له الدليل إن كان مقطوعا به، وإلا فلا لافتقاره إلى اجتهاد يقصر فهم العامي عنه، قال شيخ الإسلام النووي: والصواب الأول4، وينبغي أن يبدأ من المفتين بالأسن الأعلم الأولى فالأولى إن أراد جمع الأجوبة في رقعة، فإن أراد إفراد الأجوبة بدأ بمن شاء، وتكون رقعة الاستفتاء واسعة ليتمكن المفتي من استيفاء الجواب5.