الخامسة1: ينبغي ألا يفتي في حال يغير خلقه، وشغل قلبه، ويمنعه من التأمل كغضب وجوع وعطش، وحزن وفرح غالب، ونعاس وملالة، ومرض مقلق وحر مزعج، وبرد مؤلم، ومدافعة الأخبثين ونحو ذلك، فإن أفتى في بعض هذه الأحوال معتقدا أنه لم يمنعه من درك الصواب صحت فتواه مع الكراهة لما فيه من المخاطرة، فإنه يعتقد أنه حقق المسألة والأمر بخلافه.

السادسة2: الأولى للمتصدي للفتوى أن يتبرع بذلك، ويجوز أن يأخذ عليه رزقا من بيت المال، وإلا أن يتعين عليه وله كفاية فيحرم على الصحيح، ثم إن كان له رزق لم يجز أخذ أجرة أصلا، وإلا فليس له الأخذ من أعيان المستفتين على الأصح كالحاكم3، قال الشيخ أبو القاسم القزويني4 من أصحابنا: له أن يقول: يلزمني أن أفتيك قولا لا بكتابة، فإن استأجره عليها جاز وكره، ثم على هذا فينبغي ألا يأخذ إلا قدر أجرة كتابة ذلك القدر ولو لم يكن فتوى، قال الصيمري والخطيب: لو اتفق أهل البلد على أن يجعلوا له رزقا من أموالهم ليتفرغ لهم جاز5.

وأما الهدية فيجوز6 قبولها له بخلاف الحاكم، قال ابن الصلاح: ينبغي أن تحرم إن كانت رشوة على أن يفتيه بما يريد، وعلى الإمام أن يفرض من بيت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015