فصول 1:

لا يجوز لمجتهد أن يقلد مجتهدا ليعمل أو يفتي أو يقضي به لتمكنه من الاجتهاد الذي هو أصل التقليد، ولا يجوز العدول عن الأصل الممكن إلى بدله كما في الوضوء والتيمم، وقيل: يجوز له التقليد فيه لعدم علمه به الآن، وقيل: يجوز للقاضي لحاجته إلى فصل الخصومة المطلوب نجازه بخلاف غيره، وقيل: يجوز تقليد من هو أعلم منه، وقيل: يجوز عند ضيق الوقت وخوف الفوت لما يسأل عنه، وقيل: يجوز فيما يخصه دون ما يفتي به غيره.

والأصح جواز الاجتهاد للنبي -صلى الله عليه وسلم- ووقوعه؛ لقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43] عوتب على استبقاء أسرى بدر بالفداء2، وعلى الإذن لمن ظهر نفاقهم في التخلف عن غزوة تبوك3، والعتاب لا يكون فيما صدر عن وحي، فيكون عن اجتهاد، والأصح أن اجتهاده لا يخطئ، وليس العتاب المار في الآيتين لكونه صدر عن خطأ، بل للتنبيه على ترك الأولى إذ ذاك، والأصح أن الاجتهاد جائز في عصره -صلى الله عليه وسلم- وأنه وقع؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- حكَّم سعد بن معاذ4 في بني قريظة فقال: تقتل مقاتلهم وتسبي ذراريهم5، فقال صلى الله عليه وسلم: "لقد حكمت بحكم الله" 6،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015