الفصل الأول: في الأمور المعتبرة في كل مفتٍ:

اعلم أن شرط المفتي كونه مسلما مكلفا عدلا ثقة مأمونا متنزها عن أسباب الفسق وخوارم المروءة، فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح التصرف والاستنباط، قوي الضبط متيقظا، سواء فيه الحر والعبد، والمرأة والأعمى والأخرس إذا كتب أو فهمت إشارته، قال أبو عمرو1: وينبغي أن يكون كالراوي في أنه لا يؤثر فيه قرابة وعداوة، وجر نفع ودفع ضر؛ لأن المفتي في حكم مخبر عن الشرع بما لا اختصاص له بشخص فكان كالراوي لا كالشاهد، وفتواه لا يرتبط بها إلزام بخلاف القاضي2.

وذكر صاحب الحاوي3 أن المفتي إذا نابذ في فتواه شخصا معينا صار خصما معاندا، فترد فتواه على من عاداه كما ترد شهادته، واتفقوا على أن الفاسق لا تصح فتواه، ونقل الخطيب فيه الإجماع4، نعم يجب عليه أن يعمل لنفسه باجتهاده، وأما المستور الظاهر العدالة ولم تختبر عدالته باطنا، ففيه وجهان كالوجهين في صحة النكاح بحضور المستورين والأصح الجواز، قال الصيمري5

طور بواسطة نورين ميديا © 2015