78 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، وَحَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، أَنَا مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ قَالَا -[347]-: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي دَرْمٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ مَجْلِسٍ، كَانَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَجْلِسُ فِيهِ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَيَخْتَصِمُونَ، فَتَرْتَفِعُ أَصْوَاتُهُمْ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: انْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِمْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِمْ , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: " أَخْبِرْهُمْ عَنِ الْكَلَامِ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ الْفَتَى أَيُّوبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَهُوَ فِي بَلَائِهِ. قُلْتُ: قَالَ الْفَتَى: يَا أَيُّوبُ، أَمَا كَانَ فِي عَظَمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَذِكْرِ الْمَوْتِ مَا يُكِلُّ لِسَانَكَ، وَيَقْطَعُ قَلْبَكَ، وَيَكْسَرُ حُجَّتَكَ؟ يَا أَيُّوبُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلَّهِ عِبَادًا أَسْكَتَتْهُمْ خَشْيَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ غَيْرِ عِيٍّ وَلَا بُكْمٍ، وَإِنَّهُمْ لَهُمُ النُّبَلَاءُ الْفُصَحَاءُ الطُّلَقَاءُ الَأَلِبَّاءُ الْعَالِمُونَ -[348]- بِاللَّهِ وَآيَاتِهِ إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ تَعَالَى تَقَطَّعَتْ قُلُوبُهُمْ، وَكَلَّتْ أَلْسِنَتُهُمْ، وَطَاشَتْ عُقُولُهُمْ، وَأَحْلَامُهُمْ فَرَقًا مِنَ اللَّهِ وَهَيْبَةً لَهُ، فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ اسْتَبَقُوا إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ لَا يَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْكَثِيرَ، وَلَا يَرْضَوْنَ لَهُ بِالْقَلِيلِ يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ الظَّالِمِينَ، وَالْخَاطِئِينَ، وَإِنَّهُمْ لَأَنْزَاهٌ أَبْرَارٌ مَعَ الْمُضَيِّعِينَ، وَالْمُفَرِّطِينَ، وَإِنَّهُمْ لَأْكَيْاسٌ أَقْوِيَاءُ نَاحِلُونَ ذَائِبُونَ ذَابِلُونَ يَرَاهُمُ الْجَاهِلُ، فَيَقُولُ: مَرْضَى، وَلَيْسُوا بِمَرْضَى وَقَدْ خُولِطُوا، وَقَدْ خَالَطَ الْقَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، وَكَتَبَ إِلَيَّ رَجُلٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: عَلَى إِثْرِ قَوْلِ وَهْبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَكَفَى بِكَ ظَالِمًا أَنْ لَا تَزَالَ مُخَاصِمًا، وَكَفَى بِكَ إِثْمًا أَنْ لَا تَزَالَ -[349]- مُمَارِيًا وَكَفَى بِكَ كَاذِبًا أَنْ لَا تَزَالَ مُحْدِثًا فِي غَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "