تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، إِذَا هُمْ قَدْ جَاءُوا كَالْكِلَابِ يَقُصُّونَ أَثَرِي، فَمَرُّوا بِتِلْكَ الشَّجَرَةِ، وَأَنَا فِيهَا، فَانْقَطَعَ عَنْهُمُ الْأَثَرُ فَرَجَعُوا، فَلَمَّا جَاوَزُوا أَمِنْتُ وَخَرَجْتُ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي تِلْكَ الْجَزِيرَةِ، إِذْ رُفِعَ لِي شَجَرَةٌ كَبِيرَةٌ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهَا، فَإِذَا بِهَا مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْفَوَاكِهِ، وَإِذَا تَحْتَ ظِلَالِهَا رِجَالٌ كَأَحْسَنِ مَا رَأَيْتُ مِنْ صُورَةِ رِجَالٍ، أَنْدِيَةً، أَنْدِيَةً، فَقَعَدْتُ إِلَى نَادٍ مِنْهُمْ، فَجَعَلْتُ أُكَلِّمُهُمْ فَلَا يَفْهَمُونَ كَلَامِي، وَلَا أَفْهَمُ كَلَامَهُمْ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ مَعَهُمْ، إِذْ وَضَعَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَدَهُ عَلَى عَاتِقِي، فَإِذَا هُوَ عَلَى رَقَبَتِي، ثُمَّ لَوَى رِجْلَيْهِ عَلَيَّ، ثُمَّ أَنْهَضَنِي، فَجَعَلْتُ أُعَالِجُ لِأَطْرَحَهُ، فَخَمَشَ فِي وَجْهِي، وَجَعَلَ يَدُورُ بِي عَلَى تِلْكَ الثِّمَارِ فَيَجْتَنِيهَا، وَيُلْقِيهَا إِلَى أَصْحَابِهِ، وَيَضْحَكُونَ، فَلَمَّا غُمِيَ عَمَدْتُ إِلَى عِنَبٍ فَقَطَعْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ إِلَى نَقْرَةٍ فِي صَخْرَةٍ فَعَصَرْتُهُ، ثُمَّ تَرَكْتُهُ حَتَّى إِذَا غَلَا كَرَعْتُ فِيهِ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ هُوَ؟، فَقُلْتُ: اكْرَعْ، فَكَرَعَ فِيهِ، فَسَكِرَ، فَتَحَلَّلَتَ رِجْلَاهُ، فَقَذَفْتُ بِهِ، وَخَرَجْتُ ذَاهِبًا حَتَّى دَفَعْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا إِذَا نَاسٌ كَالْأَشْبَارِ، أَكْثَرُهُمْ عُورٌ، فَاجْتَمَعَ عَلِيَّ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ يَسُوقُونِي إِلَى أَمِيرِهِمْ، فَأَمَرَ بِي إِلَى الْحَبْسِ، فَانْتَهُوا بِي إِلَى حَبْسٍ كَقَفَصِ الدَّجَاجِ، فَلَمَّا أَدْخَلُونِي قُمْتُ فَكَسَرْتُهُ، فَأَهْمَلُونِي، فَكُنْتُ أَعِيشُ فِيهِمْ، ثُمَّ إِذَا هُمْ يَسْتَعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، فَقُلْتُ لَهُمْ: مَا هَذَا؟، قَالُوا عَدُوٌّ يَأْتِينَا، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ طَلَعَتِ الْفَرَاشُ، فَإِذَا أَكْثَرُهُمْ عُورٌ، فَأَخَذْتُ عَصًا، فَشَدَدْتُ عَلَيْهَا فَطَارَتْ وَذَهَبَتْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015