أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثِ خِصَالٍ: جَعَلَهَا زِينَةَ السَّمَاءِ، وَجَعَلَهَا يُهْتَدَى بِهَا، وَجَعَلَهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، فَمَنْ تَعَاطَى فِيهَا غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ قَلَّلَ رَأْيَهُ، وَأَخْطَأَ حَظَّهُ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَإِنَّ نَاسًا جَهَلَةً بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ أَحْدَثُوا فِي هَذِهِ النُّجُومِ كَهَانَةً، مَنْ غَرَسَ بِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا كَانَ كَذَا، وَمَنْ وُلِدَ بِنَجْمِ كَذَا وَكَذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَعَمْرِي مَا مِنْ نَجْمٍ إِلَّا يُولَدُ بِهِ الْقَصِيرُ وَالطَّوِيلُ، وَالْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ، وَالْحَسَنُ وَالدَّمِيمُ، وَمَا عَلِمَ هَذِهِ النُّجُومُ وَهَذِهِ الدَّابَّةُ، وَهَذِهِ الطَّيْرُ شَيْئًا مِنْ -[1227]- الْغَيْبِ وَالْقَضَاءِ، لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَعَمْرِي لَوْ أَنَّ أَحَدًا عَلِمَ الْغَيْبَ لَعَلِمَ آدَمُ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَهُ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَسْكَنَهُ الْجَنَّةَ يَأْكُلُ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شَاءَ، وَنُهِيَ عَنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَمْ يَزِدْ بِهِ الْبَلَاءُ حَتَّى وَقَعَ بِمَا نُهِيَ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ يَعْلَمُ الْغَيْبَ لَعَلِمَ الْجِنُّ حَيْثُ مَاتَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، فَلَبِثَتْ تَعْمَلُ حَوْلًا فِي أَشَدِّ الْعَذَابِ، وَأَشَدِّ الْهَوَانِ، لَا يَشْعُرُونَ بِمَوْتِهِ، فَمَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْ مِنْسَأَتِهِ - أَيْ تَأْكُلُ عَصَاهُ - فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانَتِ الْجِنُّ تَعْلَمُ الْغَيْبَ، مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ، وَكَانَتِ الْجِنُّ تَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ، إِنَّهَا كَانَتْ تَعْلَمُ الْغَيْبَ، وَتَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَابْتَلَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ، وَجَعَلَ مَوْتَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْجِنِّ عِظَةً، وَلِلنَّاسِ عِبْرَةً "