الْمَشْرِقِ طِينَةً سَوْدَاءَ، وَثَمَانِينَ وَمِائَةَ عَيْنٍ فِي الْمَغْرِبِ مِثْلَ ذَلِكَ طِينَةً سَوْدَاءَ، تَفُورُ غَلْيًا كَغَلْيِ الْقِدْرِ، إِذَا مَا اشْتَدَّ غَلَيَانُهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف: 86] ، وَإِنَّمَا يَعْنِي حَمْأَةً سَوْدَاءَ مِنْ طِينٍ، وَكُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَهَا مَطْلَعٌ جَدِيدٌ، وَمَغْرِبٌ جَدِيدٌ، مَا بَيْنَ أَوَّلِهَا مَطْلَعًا، وَأَوَّلِهَا مَغْرِبًا أَطْوَلُ مَا يَكُونُ النَّهَارُ فِي الصَّيْفِ، وَآخِرُهَا مَطْلَعًا وَمَغْرَبًا أَقْصَرُ مَا يَكُونُ النَّهَارُ فِي الشِّتَاءِ، فَلِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] : يَعْنِي آخِرَهَا هَا هُنَا، وَآخِرَهَا هَا هُنَا، وَتَرَكَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِنَ الْمَغَارِبِ وَالْمَشَارِقِ، ثُمَّ جَمَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: {بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} [المعارج: 40] ، فَذَلِكَ عِدَّةُ تِلْكَ الْعُيُونِ كُلِّهَا، وَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَحْرًا دُونَ السَّمَاءِ بِمِقْدَارِ ثَلَاثِ فَرَاسِخَ، فَهُوَ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ قَائِمٌ فِي الْهَوَاءِ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَقْطُرُ مِنْهُ قَطْرَةٌ، وَالْبُحُورُ كُلُّهَا سَاكِنَةٌ، وَذَلِكَ الْبَحْرُ جَارٍ فِي سُرْعَةِ السَّهْمِ، ثُمَّ انْطِبَاقُهُ فِي الْهَوَاءِ مُسْتَوٍ كَأَنَّهُ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَتَجْرِي الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْخُنَّسُ فِي ذَلِكَ الْبَحْرِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40] ، وَالْفَلَكُ دَوَرَانُ الْعَجَلَةِ فِي لُجَّةِ غَمْرِ ذَلِكَ الْبَحْرِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ بَدَتِ الشَّمْسُ مِنْ دُونِ ذَلِكَ الْبَحْرِ، لَأَحْرَقَتْ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الصُّخُورَ وَالْحِجَارَةَ، وَلَوْ بَدَا الْقَمَرُ مِنْ دُونِ ذَلِكَ الْبَحْرِ لَافْتُتِنَ بِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ حَتَّى يَعْبُدُوهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَعْصِمَهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِ ". قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَقَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَكَرْتَ مَجْرَى الْخُنَّسِ مَعَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَقَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْخُنَّسِ فِي الْقُرْآنِ إِلَى مَا كَانَ مِنْ