الْبَصَرُ، وَيَعْجَزُ عَنْ وَصْفِهَا الْبَشَرُ مِمَّا قَدْ صَارَتْ كُلُّهَا مُدَبِّرَةً لِمَصَالِحِ الْأَنَامِ وَأَرْفَاقِهِمْ وَأَغْذِيَتِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ بِغَيْرِ صُنْعٍ فِيهَا لَهُمْ، وَلَا حَوْلٍ وَلَا قُوَّةٍ مِنْهُمْ، فَلَوْ رَجَعَتِ الْأَرْوَاحُ إِلَى أَجْسَامِ كُلِّ مَنْ مَضَى مِنَ الدُّنْيَا فَاجْتَمَعُوا مَعَ كُلِّ مَنْ بَقِيَ عَلَى تَغَيِيرِ شَيْءٍ مِنْهَا أَوْ خَلْقِ شَيْءٍ مِثْلَهَا بِإِفْرَاغِ الْوُسْعِ، وَفَرْطِ الِاجْتِهَادِ، وَبَذْلِ الْأَمْوَالِ مَا اسْتَطَاعُوهُ، وَلَا قَدَرُوا عَلَيْهِ، فَمِنْهَا سَمَاءٌ قَائِمَةٌ فِي الْهَوَاءِ بِغَيْرِ عَمَدٍ، وَلَا أَطْنَابٍ تُرَى تُظِلُّهُمْ، وَتُبْدِي مِنْ زِينَتِهَا لَهُمْ نُجُومًا طَالِعَاتٍ زَاهِرَاتٍ جَارِيَاتٍ لَهَا بُرُوجٌ مَفْهُومَةٌ، وَمَطَالِعُ مَعْلُومَةٌ، وَهِيَ عَلَامَاتٌ لِلسَّفَرِ يَهْتَدُونَ بِهَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ أَوَّلَ كُلِّ نَهَارٍ مِنْ مَشْرِقِهَا، وَتَغِيبُ آخِرَهُ فِي مَغْرِبِهَا لَا يُرَى لَهَا رُجُوعٌ، وَلَا يُعْرَفُ لَهَا مَبِيتٌ تُنِيرُ، فَيَسْتَضِيءُ بِضَوْئِهَا الدُّنْيَا لَهُمْ، تَزْهُو وَتَحْمِي فَتَرْبُو بِحَرِّهَا الزُّرُوعُ، وَتَلْحَقُ وَهِيَ لِلْفَقِيرِ دِثَارٌ فِي الْقُرِّ