خُلُقٍ مِنْهَا خُلُقًا مِنْ أَخْلَاقِ الرُّوحِ يُقَوِّمُهُ، فَقَرَنَ بِالْحِدَّةِ الْحِلْمَ وَبِالْخِفَّةِ الْوَقَارَ، وَبِالشَّهْوَةِ الْعَفَافَ، وَبِاللَّعِبِ الْحَيَاءَ، وَبِاللَّهْوِ النُّهَى، وَبِالضَّحِكِ الْهَمَّ، وَبِالسَّفَهِ التَّكَرُّمَ، وَبِالْجَزَعِ الصِّدْقَ وَبِالْعُنْفِ الرِّفْقَ، ثُمَّ يَجْمَعُ فِيهِ أَرْبَعَةً تُقْرَنُ إِلَى أَخْلَاقِهِ، الْغَضَبَ وَالرَّهْبَةَ وَالشَّهْوَةَ وَالرَّغْبَةَ، ثُمَّ يَقْرِنُ إِلَيْهَا أَرْبَعَةً هِيَ قِوَامُهَا الْإِيمَانَ، وَالْهَوَى، وَالرَّأْيَ، وَالْعَقْلَ فَالْهَوَى يَدْعُو إِلَى الرَّدَى وَالْإِيمَانُ يَنْهَاهُ وَبِالرَّأْيِ يُدَبِّرُ ابْنُ آدَمَ، فَإِذَا دَعَاهُ إِلَيْهِ هَوَاهُ نَهَاهُ عَنْهُ إِيمَانَهُ، ثُمَّ الْعَقْلُ رَأْسُ ذَلِكَ وَقِوَامُهُ، فَإِنْ أَبَى الْعَقْلُ عَلَى الْهَوَى وَصَلُبَ لَهُ عَرَفَ مِنْ فَضْلِ مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ عَلَى مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ الْهَوَى وَكَانَ الْإِيمَانُ مُتَتَابِعًا، وَكَانَ أَمْرُهُمَا جَامِعًا اسْتَكَانَ الْهَوَى عِنْدَ ذَلِكَ وَهُنَالِكَ يَقْوَى إِيمَانُ ابْنِ آدَمَ وَيَعْزِمُ أَمْرُهُ، وَإِنْ ضَعُفَ الْعَقْلُ وَتَابَعَ الْهَوَى وَهَنَ الْإِيمَانُ، وَفَزِعَ الرَّأْيُ فَكَانَ مَتْرُوكًا لَا عَمَلَ لَهُ وَهُنَالِكَ يَقْوَى الْهَوَى، وَيَبْلُغُ حَاجَتَهُ وَبِالرَّأْيِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ابْنُ آدَمَ وَبِالْعَقْلِ يَعْتَبِرُ وَالْهَوَى يَدْعُوهُ وَالْإِيمَانُ يَرْدَعُهُ، فَإِذَا اجْتَمَعَ الْعَقْلُ وَنَهْيُ الْإِيمَانِ كَانَ كَلَامًا صَلِيبًا وَكَانَ أَمْرُهُمَا جَمِيعًا، وَدَبَّرَ الرَّأْيُ لَهُمَا أُمُوُرَهُمَا، وَكَانَ لَهُمَا عَلَيْهِ وَزِيرًا، ثُمَّ كَانَ الْهَوَى تَابِعًا إِذَا دُعِيَ إِلَى خَيْرٍ أَجَابَ مُذْعِنًا يَعْلَمُ أَنْ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْأَخْلَاقِ مَا لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ، فَهُوَ تَارِكٌ لِشَهْوَتِهِ مَفَارِقٌ لِأَخْلَاقِهِ يَتَزَيَّنُ بِهَذِهِ الْأَخْلَاقِ لِصِحَّتِهَا وَهُوَ كَاذِبٌ لَوْ تَرَكَ هَوَاهُ فَارَقَ مَا هُوَ فِيهِ أَشَدَّ الْمُفَارَقَةِ»