ذَلِكَ اخْتَارَ لِنُبُوَّتِهِ وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَجَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ذَلِكَ النُّورَ وَالْحِكْمَةَ وَزَادَهُ الزَّبُورَ وَعِنْدَ ذَلِكَ آتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمُلْكَ فَمَلَكَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ النَّاسِ سَبْعِينَ سَنَةً، فَلَمْ يَزَلْ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُدَبِّرُ عِلْمَ رَبِّهِ وَيَقُومُ بِهِ وَيَأْمُرُ بِحَلَالِهِ وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ نُورَ اللَّهِ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ابْنَهُ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَأُعْطِيَ عِنْدَ ذَلِكَ سُلَيْمَانُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَمَلَكَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَمَلَكَ أَهْلَ الدُّنْيَا كُلَّهُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ وَالدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ وَأُعْطِيَ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ وَمَنْطِقَ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْخَلْقِ وَفِي زَمَانِهِ صُنِعَتِ الصَّنَائِعُ الْمُعْجِبَةُ يَنْتَفِعُ بِهَا النَّاسُ وَسُخِّرَتْ لَهُ الرِّيحُ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ تُطِيعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، فَلَمْ يَزَلْ سُلَيْمَانُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ وَيَأْمُرُ بِحَلَالِ مَا فِيهِ وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ أَخَاهَ وَوَلَدَ دَاوُدَ