يَوْمٍ ثَلَاثُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيُعَزُّونَهُ فَلَا يَقْبَلُ فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُونَ سَنَةً نَزَلَ عَلَيْهِ صَدِيقٌ لَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُسَمَّى مُسْتَمْلَايِلَ فَقَالَ: يَا آدَمُ تَخَافُ أَنْ تَكُونَ قَدْ عَصَيْتَ رَبَّكَ مَرَّةً وَالْآنَ قَدْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُسْرِفِينَ عَلَى نَفْسِكَ فَأَخْبِرْنِي تُرِيدُ أَنْ تَبْكِيَ عَلَى مَا لَمْ يُحِبَّ رَبُّكَ أَنْ يَجْعَلَهُ لَكَ أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ رَبَّكَ كَانَ أَوْحَى إِلَى الْمَلَائِكَةِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْلُقَكَ أَنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فَخَلَقَكَ رَبُّكَ لِيَسْتَخْلِفَكَ فِي الْأَرْضِ، وَتَبْكِي عَلَى السَّمَاءِ فَقَبِلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَهُ قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ يَا آدَمُ اذْهَبْ إِلَى أَرْضِ تِهَامَةَ، فَابْتَنِ بِهَا بَيْتًا، ثُمَّ طُفْ بِذَلِكَ الْبَيْتِ أُسْبُوعًا وَوَجَدَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِطَوَافِهِ وَقِيَامِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْبَيْتِ طُولَ عُمْرِهِ رِيحَ الْفِرْدَوْسِ فَكَانَ مِمَّا أَحْدَثَهُ فِي مُلْكِهِ الْحَدِيدُ وِصِنَاعَةُ الْأَدَاةِ وَصَنْعَةُ الطُّرُقِ فِي الْأَرَضِينَ وَغَرْسُ الْأَشْجَارِ، وَعَاشَ وَأَهْلُ مَمْلَكَتِهِ فِي أَمْنٍ وَدِعَةٍ وَلِبَاسُهُمْ يَوْمَئِذٍ جُلُودُ الْأَنْعَامِ وَالسِّبَاعِ مَا خَلَا آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّ لِبَاسَهُ يَوْمَئِذٍ كَانَ مِنْ وَرِقِ الْجَنَّةِ، فَلَبِثَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَمَا قَضَى مَنَاسِكَهُ مِائَتَيْ سَنَةٍ وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُعَلِّمُهُ ذَلِكَ وَقَدْ أُحِلَّتْ لَهُ زَوْجَتُهُ فَوَلَدَتْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ وَكَانَ حِينَ هَبَطَ مِنَ الْجَنَّةِ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُنْسٌ غَيْرَهَا فَلِذَلِكَ يَأْنَسُ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ فَلَمَّا