1053525252 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ إِلَى الْأَرْضِ فَرَأَى سَعَتَهَا وَلَمْ يَرَ فِيهَا أَحَدًا غَيْرَهُ قَالَ: رَبِّ مَا لِأَرْضِكَ هَذِهِ عَامِرٌ يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَيُقَدِّسُ لَكَ؟ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: «سَأَجْعَلُ فِيهَا بُيُوتًا تُرْفَعُ بِذِكْرِي يُسَبِّحُ فِيهَا خَلْقِي وَيُذْكَرُ فِيهَا اسْمِي، وَسَأَجْعَلُ مِنْ تِلْكَ بَيْتًا أَخُصُّهُ بِكَرَامَتِي وَأُوثِرُهُ بِاسْمِي وَأُسَمِّيهِ بَيْتِي أُنْطِقُهُ بِعَظَمَتِي وَأَحُوزُهُ بِحُرُمَاتِي وَلَسْتُ أَسْكُنُهُ وَلَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أَسْكُنَ -[1588]- الْبُيُوتَ وَلَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَسَعَنِي، وَلَكِنْ وَضَعْتُ جَلَالِي وَعَظَمَتِي عَلَى عَرْشِي فَهُوَ الَّذِي اسْتَقَلَّ بِعَظَمَتِي، وَعَلَيْهِ وَضَعْتُ جَلَالِي، ثُمَّ أَنَا مَعَ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَمَعَ كُلِّ شَيْءٍ أَجْعَلُ ذَلِكَ الْبَيْتَ حَرَمًا آمَنًا أُحَرِّمُ بِحُرْمَتِهِ مَنْ حَوْلَهُ وَمَنْ تَحْتَهُ وَمَنْ فَوْقَهُ فَمَنْ حَرَّمَهُ بِحُرْمَتِي اسْتَوْجَبَ بِذَلِكَ كَرَامَتِي وَمَنْ أَخَافَ أَهْلَهُ فِيهِ فَقَدْ أَخْفَرَ ذِمَّتِي وَأَبَاحَ حُرْمَتِي أَجْعَلُهُ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ بِبَطْنِ مَكَّةَ مُبَارَكًا يَأْتُونَهُ شُعْثًا غُبْرًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يَرُجُّونَ بِالتَّلْبِيَةِ رَجِيجًا وَيَثُجُّونَ فِيهِ ثَجِيجًا وَيَعِجُّونَ بِالتَّكْبِيرِ عَجِيجًا مَنِ اعْتَمَرَهُ لَا يُرِيدُ -[1589]- غَيْرَهُ فَقَدْ وَفَدَ لِي وَنَزَلَ بِي وَضَافَنِي وَحَقٌّ لِلْكَرِيمِ أَنْ يُكْرِمَ وَفْدَهُ وَأَضْيَافَهُ وَأَنْ يُسْعِفَ كُلًّا بِحَاجَتِهِ تَعْمُرُهُ يَا آدَمُ مَا دُمْتَ حَيًّا، ثُمَّ تَعْمُرُهُ الْأُمَمُ وَالْقُرُونُ وَالْأَنْبِيَاءُ مِنْ وَلَدِكَ أُمَّةٌ بَعْدَ أُمَّةٍ وَقَرْنٌ بَعْدَ قَرْنٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ أُخْرِجُهُ مِنْ تِهَامَةَ وَأَجْعَلُهُ مِنْ خُزَّانِهِ وَحُمَاتِهِ وَسُقَاتِهِ يَكُونُ أَمِينًا عَلَيْهِ مَا كَانَ حَيًّا فَإِذَا انْقَلَبَ إِلَيَّ وَجَدَنِي قَدْ ذَخَرْتُ لَهُ مِنْ أَجْلِهِ وَفَضِيلَتِهِ مِمَّا يَتَمَكَّنُ بِهِ الْقِرْبَةَ عِنْدِي وَأَفْضَلَ الْمَنَازِلِ فِي دَارِ الْمُقَامِ، أَجْعَلُ ذِكْرَ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَسَنَاءَهُ وَمَجْدَهُ لِنَبِيٍّ مِنْ وَلَدِكَ هُوَ قَبْلَ هَذَا النَّبِيِّ هُوَ أَبُوهُ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ أُعَافِيهِ فَيَشْكُرُ وَأَبْتَلِيهِ فَيَصْبِرُ وَيَعِدُنِي فَيَصْدُقُ وَيَنْذُرُ لِي فَيَفِي أُعَلِّمُهُ مَنَاسِكَهُ وَمَوَاقِفَهُ وَأُرِيهِ حِلَّهُ وَحَرَامَهُ وَأُنِيطُ لَهُ سِقَايَتَهُ أَجْعَلُ إِبْرَاهِيمَ إِمَامَ ذَلِكَ الْبَيْتِ، وَأَهْلَ تِلْكَ الشَّرِيعَةِ يَأْتَمُّ بِهِ مَنْ وَرَدَ ذَلِكَ الْبَيْتَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ، وَأَهْلِ الْأَرْضِ يَطْلُبُونَ فِيهِ آثَارَهُ وَيَتَّبِعُونَ فِيهِ سُنَّتَهُ وَيَهْتَدُونَ فِيهِ بِهُدَاهُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتَكْمَلَ نُسُكَهُ وَأَوْفَى نَذْرَهُ وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ ضَيَّعَ نُسُكَهُ وَأَخْطَأَ بُغْيَتَهُ، فَمَنْ سَأَلَ عَنِّي يَوْمَئِذٍ أَيْنَ أَنَا فَأَنَا مَعَ الشُّعْثِ الْغُبْرِ الْمُوفِينَ بِنُذُورِهِمْ الْمُسْتَكْمِلِينَ مَنَاسِكَهُمُ الْمُبْتَهِلِينَ إِلَى رَبِّهِمُ الَّذِي يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ وَلَيْسَ هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي ذَكَرْتُ لَكَ شَأْنُهُ بِزَائِدٍ مِمَّا عِنْدِي مِنَ الْمُلْكِ وَالسَّعَةِ إِلَّا كَمَا زَادَتْ قَطْرَةٌ مِنْ رَشَاشٍ -[1590]- وَقَعَتْ فِي سَبْعَةِ أَبْحُرٍ يَمُدُّهَا مِنْ بَعْدِهَا أَبْحُرٌ لَا تُحْصَى بَلِ الْقَطْرَةُ أَزْيَدُ فِي الْأَبْحُرِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فِي مُلْكِي وَسُلْطَانِي لِمَا عِنْدِي مِنَ السَّعَةِ وَلَيْسَ هَذَا الْأَمْرُ لَوْ لَمْ أَجْعَلْهُ بِنَاقِصٍ شَيْئًا مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا نَقَصَتْ ذَرَّةٌ وَقَعَتْ فِي جَمِيعِ تُرَابِ الْأَرْضِ وَرِمَالِهَا وَحَصَاهَا وَجِبَالِهَا بَلِ الذُّرَةُ أَنْقَصُ فِي الْأَرْضِ وَتُرَابِهَا وَجِبَالِهَا مِنْ هَذَا الْأَمْرِ لَوْ لَمْ أَخْلُقْهُ مِمَّا عِنْدِي مِنَ الْمُلْكِ وَالسَّعَةِ»