أَهْلَكْتَنِي فَنَزَعَ الْقَصَبَةُ، ثُمَّ قَلَبَهَا فَصَفَّرَ صَفِيرًا آخَرَ فَجَاءَ مِنَ الْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ وَالْحُزْنِ بِشَيْءٍ لَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُونَ بِمِثْلِهِ حَتَّى قَطَّعَ فُؤَادَهَا بِالْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ فَقَالَتْ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ لَمَا قَصَرْتَ عَنِّي فَفَعَلَ فَقَالَتْ لَهُ حَوَّاءُ: مَا هَذَا الَّذِي جِئْتَ بِهِ؟ أَخَذْتَنِي بِأَمْرِ الْفَرَحِ وَأَخَذْتَنِي بِأَمْرِ الْحُزْنِ قَالَ: ذَكَرْتُ مَنْزِلَكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ وَكَرَامَةَ اللَّهِ إِيَّاكُمَا فَفَرِحْتُ لَكُمَا لِمَكَانِكُمَا وَذَكَرْتُ أَنَّكُمَا تَخْرُجَانِ مِنْهَا فَبَكَيْتُ لَكُمَا وَحَزِنْتُ عَلَيْكُمَا أَلَمْ يَقُلْ لَكُمَا رَبُّكُمَا: مَتَى ما تَأْكُلَانِ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ تَمُوتَانِ وَتَخْرُجَانِ مِنْهَا؟ انْظُرِي يَا حَوَّاءُ إِلَيَّ فَإِذَا أَكَلْتُهَا فَإِنْ أَنَا مِتُّ أَوْ تَغَيَّرَ مِنْ خَلْقِي شَيْءٌ فَلَا تَأْكُلِي مِنْهَا أُقْسِمُ لَكُمَا بِاللَّهِ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ أَكْلِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا لِكَيْمَا تَخْلُقَانِ كَخَلْقِهِ وَلَا تُخْلُدَانِ فِي الْجَنَّةِ وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ إِنِّي لَكُمَا لِمَنَ النَّاصِحِينَ، فَانْطَلَقَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى تَنَاوَلَ مِنْ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَأَكَلَ مِنْهَا فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا حَوَّاءُ، هَلْ تَغَيَّرَ مِنْ خَلْقِي شَيْءٌ أَوْ هَلْ مِتُّ؟ قَدْ أَخْبَرْتُكِ مَا أَخْبَرْتُكِ، ثُمَّ أَدْبَرَ مُنْطَلِقًا وَأَدْبَرَ، آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي يَطُوفُ بِهِ مِنَ الْجَنَّةِ فَوَجَدَهَا مُنْكَبَّةً عَلَى وَجْهِهَا حَزِينَةً فَقَالَ لَهَا آدَمُ: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَتَانِي النَّاصِحُ الْمُشْفِقُ فَقَالَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَيْحَكِ لَعَلَّهُ إِبْلِيسُ الَّذِي حَذَّرَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ قَالَتْ: يَا آدَمُ وَاللَّهِ لَقَدْ مَضَى إِلَى الشَّجَرَةِ فَأَكَلَ مِنْهَا وَأَنَا أَنْظُرُ فَمَا مَاتَ وَلَا تَغَيَّرَ مِنْ جَسَدِهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015