العرب لم تمتد إلى أكثر من عشرين عاما في جملتها. وكذلك كانت المعركة مع فارس في العهد الأول. أما في العصر الحديث فإن ضراوة المعركة بين الوثنية الهندية والإسلام ضراوة ظاهرة ولكنها لا تبلغ ضراوة الصهيونية العالمية .. (التي تعد الماركسية مجرد فرع لها) وليس هناك ما يماثل معركة اليهود مع الإسلام في طول الأمد وعرض المجال إلا معركة الصليبية، التي سنتعرض لها في الفقرة التالية.

فإذا سمعنا اللّه - سبحانه - يقول: «لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا» ..

ويقدم اليهود في النص على الذين أشركوا .. ثم راجعنا هذا الواقع التاريخي، فإننا ندرك طرفا من حكمة اللّه في تقديم اليهود على الذين أشركوا! إنهم هذه الجبلة النكدة الشريرة، التي ينغل الحقد في صدورها على الإسلام وعلى نبي الإسلام، فيحذر اللّه نبيه وأهل دينه منها .. ولم يغلب هذه الجبلة النكدة الشريرة إلا الإسلام وأهله يوم أن كانوا أهله! .. ولن يخلص العالم من هذه الجبلة النكدة إلا الإسلام يوم يفيء أهله إليه (?) ..

وقد وردت في هذه السورة نفسها نصوص وتقريرات، تحدد معنى هذا النص الذي نواجهه هنا وتجلوه .. نذكر منها: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ، بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ» ..

«قُلْ: يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ. وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً، فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ» ..

كذلك جاء في سورة البقرة: «وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ. قُلْ: إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ» ..

كذلك صدّق الواقع التاريخي ما حذر اللّه الأمة المسلمة إياه من اليهود ومن النصارى سواء. وإذا كان الواقع التاريخي قد حفظ لليهود وقفتهم النكدة للإسلام منذ اليوم الأول الذي دخل فيه الإسلام عليهم المدينة في صورة كيد لم ينته ولم يكف حتى اللحظة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015