الكبرى. طابع العقيدة الإسلامية. ترسمه هذه الآية القصيرة: الإيمان باللّه وملائكته. والإيمان بجميع كتبه ورسله، بلا تفريق بين الرسل، والسمع والطاعة، والإنابة إلى اللّه. واليقين بيوم الحساب.
إنه الإسلام. العقيدة اللائقة بأن تكون ختام العقائد، وآخر الرسالات. العقيدة التي تصور موكب الإيمان الواصب من مبتدى الخليقة إلى منتهاها. وخط الهداية المتصل الموصول بأيدي رسل اللّه جميعا. المتدرج بالبشرية في مراقي الصعود. الكاشف لها عن الناموس الواحد بقدر ما تطيق: حتى يجيء الإسلام، فيعلن وحدة الناموس كاملة، ويدع للعقل البشري التفصيل والتطبيق.
ثم هي العقيدة التي تعترف بالإنسان إنسانا، لا حيوانا ولا حجرا، ولا ملكا ولا شيطانا. تعترف به كما هو، بما فيه من ضعف وما فيه من قوة، وتأخذه وحدة شاملة مؤلفة من جسد ذي نوازع، وعقل ذي تقدير، وروح ذي أشواق .. وتفرض عليه من التكاليف ما يطيق وتراعي التنسيق بين التكليف والطاقة بلا مشقة ولا إعنات وتلبي كل حاجات الجسد والعقل والروح في تناسق يمثل الفطرة .. ثم تحمل الإنسان - بعد ذلك - تبعة اختياره للطريق الذي يختار: «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها. لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ».وهكذا يتصور المسلم رحمة ربه وعدله في التكاليف التي يفرضها اللّه عليه في خلافته للأرض وفي ابتلائه في أثناء الخلافة وفي جزائه على عمله في نهاية المطاف. ويطمئن إلى رحمة اللّه وعدله في هذا كله فلا يتبرم بتكاليفه، ولا يضيق بها صدرا، ولا يستثقلها كذلك، وهو يؤمن أن اللّه الذي فرضها عليه أعلم بحقيقة طاقته، ولو لم تكن في طاقته ما فرضها عليه. ومن شأن هذا التصور - فضلا عما يسكبه في القلب من راحة وطمأنينة وأنس - أن يستجيش عزيمة المؤمن للنهوض بتكاليفه، وهو يحس أنها داخلة في طوقه ولو لم تكن داخلة في طوقه ما كتبها اللّه عليه فإذا ضعف مرة أو تعب مرة أو ثقل العبء عليه، أدرك أنه الضعف لا فداحة العبء! واستجاش عزيمته ونفض الضعف عن نفسه وهمّ همة جديدة للوفاء، ما دام داخلا في مقدوره! وهو إيحاء كريم لاستنهاض الهمة كلما ضعفت على طول الطريق! فهي التربية كذلك لروح المؤمن وهمته وإرادته فوق تزويد