وَلَا مَنَعَةَ لَهُ، وَتِلْكَ عَادَةُ عَدُوِّ اللَّهِ لِمَنْ أَطَاعَهُ وَاسْتَعَاذَ بِهِ، حَتَّى إِذَا الْتَقَى الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ أَسْلَمَهُمْ شَرَّ مَسْلَمٍ وَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ " (?) ..

وكذب واللّه عدو اللّه، ما به مخافة اللّه، ولكن علم أن لا قوة له ولا منعة له، وتلك عادة عدو اللّه لمن أطاعه واستقاد له، حتى إذا التقى الحق والباطل أسلمهم شر مسلم، وتبرأ منهم عند ذلك.

ونحن - على منهجنا في هذه الظلال - لا نتعرض لهذه الأمور الغيبية بتفصيل لم يرد به نص قرآني أو حديث نبوي صحيح متواتر (?). فهي من أمور الاعتقاد التي لا يلتزم فيها إلا بنص هذه درجته. ولكننا في الوقت ذاته لا نقف موقف الإنكار والرفض ..

وفي هذا الحادث نص قرآني يثبت منه أن الشيطان زين للمشركين أعمالهم، وشجعهم على الخروج بإعلان إجارته لهم ونصرته إياهم وأنه بعد ذلك - لما تراءى الجمعان أي رأى أحدهما الآخر - «نكص على عقبيه وقال: إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون، إني أخاف اللّه، واللّه شديد العقاب» .. فخذلهم وتركهم يلاقون مصيرهم وحدهم، ولم يوف بعهده معهم ..

وبعد، فإنه بينما كان الشيطان يخدع المشركين الذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل اللّه، ويشجعهم على الخروج، ثم يتركهم لمصيرهم البائس ... كان المنافقون والذين في قلوبهم ضعف يظنون بالعصبة المؤمنة الظنون وهم يرونها تواجه جحافل المشركين، وهي قليلة العدد ضعيفة العدة ويرون - بقلوبهم المدخولة ونظرتهم إلى الظواهر المادية الخادعة - أن المؤمنين أوردوا أنفسهم موارد التهلكة، مخدوعين بدينهم، ظانين أنه ينصرهم أو يقيهم: «إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ: غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ» ..

والمنافقون والذين في قلوبهم مرض قيل: إنهم مجموعة من الذين مالوا إلى الإسلام في مكة - ولكن لم تصح عقيدتهم ولم تطمئن قلوبهم - خرجوا مع النفير مزعزعين، فلما رأوا قلة المسلمين وكثرة المشركين قالوا هذه المقالة! والمنافقون والذين في قلوبهم مرض لا يدركون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015