وقدره، هي قاعدة لعبودية لغير اللّه وقدره .. ومن ثم هذا التوكيد على التوكل على اللّه وحده، واعتبار ه شرطا لوجود الإيمان أو عدمه .. والتصور الاعتقادي في الإسلام كل متكامل. ثم هو بدوره كل متكامل مع الصورة الواقعية التي يريدها هذا الدين لحياة الناس (?).

«الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ» .. وهنا نرى للإيمان صورة حركية ظاهرة - بعد ما رأيناه في الصفات السابقة مشاعر قلبية باطنة - ذلك أن الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل. فالعمل هو الدلالة الظاهرة للإيمان التي لا بد من ظهورها للعيان، لتشهد بالوجود الفعلي لهذا الإيمان.

وإقامة الصلاة ليست هي مجرد أدائها. إنما هي الأداء الذي يحقق حقيقتها. الأداء الكامل اللائق بوقفة العابد في حضرة المعبود - سبحانه - لا مجرد القراءة والقيام والركوع والسجود والقلب غافل! وهي في صورتها الكاملة تلك تشهد للإيمان بالوجود فعلا.

«وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» .. في الزكاة وغير الزكاة .. وهم ينفقون «مما رزقناهم» .. فهو بعض مما رزقهم الرازق .. وللنص القرآني دائما ظلاله وإيحاءاته. فهم لم يخلقوا هذا المال خلقا. إنما هو مما رزقهم اللّه إياه - من بين ما رزقهم وهو كثير لا يحصى - فإذا أنفقوا فإنما ينفقون بعضه، ويحتفظون منه ببقية. والأصل هو رزق اللّه وحده! تلك هي الصفات التي حدد اللّه بها - في هذا المقام - الإيمان. وهي تشمل الاعتقاد في وحدانية اللّه والاستجابة الوجدانية لذكره والتأثر القلبي بآياته والتوكل عليه وحده وإقامة الصلاة له، والإنفاق من بعض رزقه ..

وهي لا تمثل تفصيلات الإيمان - كما وردت في النصوص الأخرى - إنما هي تواجه حالة واقعة .. حالة الخلاف على الأنفال وفساد ذات البين من جرائها .. فتذكر من صفات المؤمنين ما يواجه هذه الحالة. وهي في الوقت ذاته تعين صفات من فقدها جملة لم يجد حقيقة الإيمان فعلا. بغض النظر عما إذا كانت تستقصي شروط الإيمان أولا تستقصيها. فمنهج التربية الرباني بالقرآن هو الذي يتحكم فيما يذكر من هذه الشروط والتوجيهات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015