لقد كانت هذه الغزوة (غزوة بدر) هي أول وقعة كبيرة لقي فيها المسلمون أعداءهم من المشركين فهزموهم تلك الهزيمة الكبيرة .. ولكن المسلمين لم يكونوا قد خرجوا لهذه الغاية .. لقد كانوا إنما خرجوا ليأخذوا الطريق على قافلة قريش الذين أخرجوا المهاجرين من ديارهم وأموالهم! فأراد اللّه للعصبة المسلمة غير ما أرادت لنفسها من الغنيمة .. أراد لها أن تنفلت منها القافلة وأن تلقى عدوها من عتاة قريش الذين جمدوا الدعوة في مكة ومكروا مكرهم لقتل رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بعد ما بلغوا بأصحابه الذين تابعوه على الهدى غاية التعذيب والتنكيل والأذى ..
لقد أراد اللّه سبحانه أن تكون هذه الوقعة فرقانا بين الحق والباطل وفرقانا في خط سير التاريخ الإسلامي.
ومن ثم فرقانا في خط سير التاريخ الإنساني .. وأراد أن يظهر فيها الآماد البعيدة بين تدبير البشر لأنفسهم فيما يحسبونه الخير لهم. وتدبير رب البشر لهم ولو كرهوه في أول الأمر. كما أراد أن تتعلم العصبة المؤمنة عوامل النصر وعوامل الهزيمة وتتلقاها مباشرة من يد ربّها ووليها، وهي في ميدان المعركة وأمام مشاهدها. (?).