قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55)} [النساء: 51 - 55] ..
لقد كان الذين أوتوا نصيبا من الكتاب، أولى الناس أن يتبعوا الكتاب وأن يكفروا بالشرك الذي يعتنقه من لم يأتهم من اللّه هدى وأن يحكموا كتاب اللّه في حياتهم، فلا يتبعوا الطاغوت - وهو كل شرع لم يأذن به اللّه، وكل حكم ليس له من شريعة اللّه سند - ولكن اليهود - الذين كانوا يزكون أنفسهم، ويتباهون بأنهم أحباء اللّه - كانوا في الوقت ذاته يتبعون الباطل والشرك باتباعهم للكهانة وتركهم الكهان والأحبار يشرعون لهم ما لم يأذن به اللّه. وكانوا يؤمنون بالطاغوت وهو هذا الحكم الذي يقوم على غير شريعة اللّه .. وهو طاغوت لما فيه من طغيان - بادعاء الإنسان إحدى خصائص الألوهية - وهي الحاكمية - وبعدم انضباطه بحدود من شرع اللّه، تلزمه العدل والحق. فهو طغيان، وهو طاغوت والمؤمنون به والمتبعون له، مشركون أو كافرون .. يعجب اللّه من أمرهم، وقد أوتوا نصيبا من الكتاب، فلم يلتزموا بما أوتوه من الكتاب! ولقد كانوا يضيفون إلى الإيمان بالجبت والطاغوت، موقفهم في صف المشركين الكفار، ضد المؤمنين الذين آتاهم اللّه الكتاب أيضا: «وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا: هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا» ..
وعن ابن عباس قال: كان الذين حَزَّبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة: حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق أبو رافع، والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق، وأبو عمار، ووَحْوَح بن عامر، وهوذة بن قيس = فأما وحوح وأبو عمار وهوذة، فمن بني وائل، وكان سائرهم من بني النضير = فلما قدموا على قريش قالوا: هؤلاء أحبار يهود