الشهيد فسيأتي حكمه في "فصل الصَّلاة على الميت" ولو احترق مسلم ولو غسل لتهرّي لا يغسل بل ييمَّم محافظة على جثَّته لتدفن بحالها، ولو كان عليه قُرُوحٌ وخِيفَ من غسله تسارع البِلَى إليه بعد الدَّفن غسل، ولا مبالاة بما يكون بعده، فالكُلُّ صائرون إلى البِلَى (?).
قال الغزالي:
وَالمُسْتَحَبُّ فِي لَوْنهِ البَيَاضُ وَفِي جِنْسِهِ القُطْنُ وَالكِتَّانُ دُونَ الحَرِيرِ فَإنَّهُ يَحْرُمُ لِلرِّجَّلِ وَيُكرَهُ لِلْنِّسَاءِ، وَأَمَّا عَدَدُهُ فَأَقَلُّهُ ثَوْبٌ وَاحِدٌ سَاتِرٌ لِجَمِيعِ البَدَنِ وَالثَّاني وَالثَّالِثُ حَقُّ المَيِّتِ فِي التَّركَةِ تَنْفُدُ وَصِيَّتُة بِإسْقَاطِهِمَا، وَلَيَسْ لِلوَرَثَةِ المُضَايَقَةُ فِيهِمَا، وَهَلْ لِلْغُرَمَاءِ المَنْعُ مِنْهُمَا فِيهِ وَجْهَانِ، وَمَنْ لاَ مَالَ لَهُ يُكَفَّنُ مِنْ بَيْتِ المَالِ، وَيُقْتَصَرُ عَلَى ثَوْبٍ وَاحِدٍ فِي أَظْهَرِ الوَجْهَيْنِ، وَفِي وُجُوبِ الكَفَنِ عَلَى الزَّوْجِ وَجْهَانِ.
قال الرافعي: يتّضح الفصل برسم مسائل:
إحداها: أن المستحبَّ في لون الكفن البياض، لما روي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "خَيْرُ ثِيَابُكُمْ الْبِيضُ فَاكْسُوهَا أحْيَاءَكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ" (?).
وجنسه في حقِّ كل ميت ما يجوز لبسه في حال الحياة، فيجوز تَكْفِينُ المرأة بالحَرِيرِ، لكنه يكره؛ لأنه سرف غير لائق بالحَالِ، ويحرم تكفين الرِّجال به، كلبسه في الحياة، ولك أَنْ تقول قوله: "ومن جسه القطن والكتان" إما أن يريد استحباب هذين النوعين على الخصوص أو يشير بهما إلى جميع الأنواع المباحة، ويكون التقدير القطن والكتان وما في معناهما.