لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيَّومُ وَأتُوبُ إِلَيْهِ" ويختم كلامه بالاستغفار أيضاً ويكثر منه في الخطبة ومن قوله: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} (?).
ويجوز أن يعلم قوله: "يبدل التكبيرات بالاستغفار" بالواو؛ لأن صاحب "البَيَان" حكى عن المُحَاملي أنه يكبِّر في أول الخطبتين، كما يكبِّر في أوّل خطبتي العيد.
وقوله: "لكن يبدل" استدراك واستثناء عن تشبيه هذه الخطبة بخطبة العيد، لكن افتراقهما غير منحصر فيه، بل يفترقان في أمور أخر: منها: أن يستقبل القِبْلَة في الخطبة الثانية كما سنذكر. ومنها: أن يدعو في الأولى بما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما - أنّ النبي: كان إذا استسقى قال: "اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا، هَنِيئاً مَرِيئاً، مَرِيعاً غَدَقاً، مُجَلَّلاً سَحّاً، طَبقاً دَائِماً، اللَّهُمَّ اسْقِنَا الغَيْثَ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، اللَّهُمَّ إِنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلاَدِ مِنَ الَّلأوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالضَّنْكِ مَا لاَ نَشْكُوهُ إِلاَّ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ أَنْبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الأرْضِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْىَ، وَاكْشِفْ عَنَّا مِنَ الْبَلاَءِ مَا لاَ يَكْشِفُهُ غَيْرُكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّاراً، فَأرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدرَاراً" (?). ويكون في الخطبة الأولى وصدر الثَّانية مستقبلاً الناس مستدبراً للقبلة كما في الجمعة والعيد ثم يستقبل القبلة ويبالغ في الدعاء سرّاً أو جهراً، قال الله -تعالى جدّه-: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} (?) وإذا أسرَّ دعا الناس سرّاً ورفعوا أيديهم في الدّعاء. وقد روى عن أنس -رضي الله عنه- أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم-: "اسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ" (?).
قال العلماء: وهكذا السّنة لمن دعا لدفع البَلاَء جعل ظهر كفَّيه إلى السَّمَاء، وإذا سأل الله -تعالى- شيئاً جعل بطن كفه إلى السماء.
قال الشافعي -رضي الله عنه-: وليكن مِنْ دُعَائهم في هذه الحالة: "اللَّهُمَّ أَنْتَ أَمَرْتَنَا بِدُعَائِكَ، وَوَعْدَتْنَا إِجَابَتَكَ، وَقَدْ دَعَوْنَاكَ كَمَا أَمَرْتَنَا، فَأَجِبْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا، اللَّهُمَّ فَامْنُنْ عَلَيْنَا بِمَغْفِرَةٍ في مَا قَارَفْنَا، وإِجَابَتِكَ فِي سُقْيَانَا وَسَعَةٍ في رِزْقِنَا".
وقوله في الكتاب: "ويستقبل القبلة فيها"، ربما أوهم استحباب الاستقبال في جميعها وليس كذلك، بل المراد: أنه يستقبل القِبْلَةَ في أثنائها.
ثم إذا فرغ من الدّعاء مستقبلاً أقبل بوجهه على النّاس وحضَّهم على طاعة ربهم،