والعِرض والمال، وبالتَّقرب إلى الله -تعالى جدّه- بما يستطيعون من الخير، ثم يخرجون في اليوم الرابع صياماً، ولكل واحدة من هذه الأمور أثر في إجابة الدّعاء على ما ورد في الأخبار. ومنها: يخرج بهم في ثياب بُذِلَةٍ وَتَخَشُّع، ولا يتزينون ولا يتطيبون، لما قدمناه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، لكن يتنظَّفون بالماء والسِّواك وما يقطع الروائح الكريهة ويخالف العيد؛ لأن ذلك يوم زينة وهذا وقت مسألة واستكانة، فاللائق به التَّواضع ولبس بَذْلَة الثِّياب دون جديدها. ومنها: يستحبُّ [إخراج] (?) الصِّبيان والمَشَايخ؛ لأن دُعَاؤهم إلى الإجابة أقرب، وكذلك إخراج مَنْ لا هَيْئَةَ لها من النِّساء، وفي إخراج البهائم قصداً وجهان ذكرهما صاحب "النِّهاية" وغيره.
أحدهما: لا يستحب إذ ليس لها سؤال وأهليّة طلب لكن لو أخرجت فلا بأس.
وأصحهما: أنه يستحبُّ إخراجها؛ لما روي أنها تستسقي (?).
وعن رسول الله أنه قال: "لَوْلاَ رِجَالٌ رُكَّعُ، وَصِبْيَانٌ رُضَّعُ، وَبَهَائِمُ رُتَّعُ، لَصُبَّ عَلَيْكُمُ الْعَذَابُ صَبّاً" (?). وقوله في الكتاب: "والبَهَائم" جواب على هذا الوجه، وإدراج له في حدِّ الأحب، وليكن معلّماً بالواو للوجه الأول. وأما خروج أهل الذِّمَّة فقد نص الشَّافعي -رضي الله عنه- على كراهته والمَنْع منه إن حضروا مستسقى المسلمين؛ لأنهم ربّما كانوا سبب القحط واحتباس القَطْر، وإن تميزوا ولم يختلطوا بالمسلمين لم يمنعوا (?)؛ لأنهم مُسْتَرْزقة وقد تعجل إجابة دعاء الكافر اسْتدراجاً له.
وحكى القاضي الرُّوياني وجهاً آخر: أنهم يمنعون وإن تميزوا إلا أن يخرجوا في غير يوم المسلمين، وهذا يقتضي إعلام قوله: "وأهل الذمة" بالواو، على أن إيراد الكتاب يقتضي إدراج الخروج بهم في حَدّ الأحبّ، لكن الجمهور ساكتون عنه والتّفصيل في أنهم يمنعون أم لا؟ ومن الآداب أن يذكر كل واحد من القوم في نفسه ما